القانون الدولي الخاص

القانون الدولي الخاص 

تقديم
المجتمع الدولي يتكون من مجموعة من الدول و المنظمات الدولية والشركات المتعددة الجنسية ، ولكل دولة الحق في السيادة الكاملة على تطبيق القانون الخاص بها في نطاقها الجغرافي وتحديد من هم مواطنوها ومن هم الأجانب ، هذا الحق الانفرادي الممنوح للدولة هو نابع من مقتضيات القانون الدولي العام وهو ما يسمى بالاختصاص الاستئثاري للدولة أي النطاق القاصر على الدولة . 

القانون الدولي في المغرب لم ينشأ في كنف دولة مستقلة كاملة السيادة ، بل كان نتيجة تعاقد دولي أساسه احترام القوانين الشخصية للأجانب في المغرب ، أي أنه جاء استجابة لأوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية معينة فكان ظهير 12 غشت 1913 ، ثم بعد الاستقلال أصبحت مسألة الأجانب متجاوزة فاتخذ القانون الدولي الخاص شکلا جديدا بعد صدور ظهير 24 دجنبر 1959 الذي تناول قضايا الأجانب .
تعريف القانون الدولي الخاص : 
1- هو مجموعة القواعد القانونية التي تعين القانون الواجب تطبيقه في علاقة مشوبة بعنصر أجنبي .
2- هو مجموعة القواعد القانونية التي تعين الاختصاص التشريعي والاختصاص القضائي الدولي في علاقة قانونية مشوبة بنعصر أجنبي .
3- هو مجموعة القواعد القانونية التي تعين القانون الواجب تطبيقه والمحكمة المختصة في قضية مشوبة بعنصرأجنبي ، وتحدد الموطن والجنسية والمركز القانوني للأجانب وكيفية تنفيذ الحكم القضائي الأجنبي . 

تطور القانون الدولي الخاص : 
القانون الدولي الخاص هو قانون حديث النشأة بالمقارنة مع باقي القوانين ذلك أن الروابط القانونية المشتملة على عنصر الأجنبي لم تزدهر إلا في العصر الحديث ، أما المجتمعات القديمة فكانت ثعامل الأجنبي معاملة قاسية وتنظر إليه نظرة عداء ، فكان الأجنبي مجردا من شخصيته القانونية وليس له أهلية وجوب ولا أهلية أداء حتى يكتسب الحقوق و يتحمل بالواجبات ، ولا يسمح له أن يكون طرفا في العلاقات القانونية ولا يستطيع أن يتزوج أو يكسب مالا أو يطلب حقا من القضاء ، ويرجع البعض سبب ذلك إلى العنصرية لدى الانسان القديم والبعض الآخر يرجع الأمر إلى الدين بينما يرجع أخرون ذلك إلى الطبيعة البشرية التي تخشى الغرباء . 
يمكن القول أن الطليان نظرا لموقعه التجاري وتعاملهم مع الأجانب باستمرار كانوا سباقين إلى اعطاء الأجانب الكثير من الحقوق ، حيث أن رجال الفقه في شمال ايطاليا خلال القرن 13 كانوا يبحثون عن حل لتنازع القوانين وتعيين القانون الواجب تطبيقه في العلاقات المشوبة بعنصر الأجنبي وامتد نطاق التفكير هذا إلى بريطانيا وفرنسا وهولاندا إلى أن استعمل مصطلح القانون الدولي الخاص سنة 1834 من قبل رجال الفقه في هولاندا ، وتطور الأمر لاحقا إلى قبول الدول الأوروبية بمبدأ تطبيق القانون الشخصي للأجانب في اقليمها وقانون محل وجود المال وقانون محل إجراء العقد عند تنازع القوانين في القضايا المشوبة بعنصر الأجنبي .

مصادر القانون الدولي الخاص : 
المصادر الداخلية : 

أولا : التشريع 
منذ أواخر القرن 18 أصبح التشريع هو المصدر الرسمي لكافة فروع القانون ، فهو يحتل الصدارة ، والمشرع يستأثر بوضع قواعد القانون الدولي الخاص ، دون النظر لأي اعتبار أجنبي أو قيد دولي في تنظيم موضوعات تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية والجنسية والموطن و المركز القانوني للأجنبي ، هذه القواعد تمتاز بالدقة والوضوح ، لكنها غير مجمعة في مجموعة واحدة على غرار القانون المدني أو الجنائي أو التجاري ، بل هي مفرقة ترد في قوانين مختلفة كقانون الجنسية و قانون إقامة الأجانب وقانون تنفيذ الأحكام الأجنبية . هكذا يتدخل التشريع لتنظيم أحكام الجنسية وكذا المركز القانوني للأجانب . 
ثانيا : العرف الداخلي 
العرف سلوك معين يعتاد الناس على اتباعه مع الاعتقاد بضرورة لزومه وترتب الجزاء المادي على من يخالفه ، فهو مجموعة قواعد قانونية ملزمة غير مكتوبة لأنها لا تصدر عن السلطة التشريعية بل تنشأ من اعتياد الناس عليها زمنا طويلا حتى تثبت وتستقر وتصبح في نظر الأفراد ملزمة ، والبحث عن القاعدة العرفية وتطبيقها | واجب القاضي ، ففي القانون الدولي الخاص رغم أن التشريع هو المصدر الأول لقواعده لكن العرف يبقى من المصادر المهمة التي يعتمد عليها نظرا لدوره في حل العديد من المسائل خصوصا عندما تكون النصوص القانونية المكتوبة غير كافية لحل تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي ، من بين الأعراف خضوع شكل العقد لقانون بلد إبرامه و خضوع الأهلية لقانون الجنسية ، لكن يمكن القول أن دور العرف في الوقت الحاضر أضعف مما كان عليه في السابق في معظم الدول التي فضلت تقنين أحكام العرف في قوانينها المكتوبة .

ثالثا : القضاء الداخلي
هو قرارات المحاكم الوطنية الصادرة في مسائل القانون الدولي الخاص ، وهي مصدر و عامل مهم لتطور هذا القانون وتوجيه المشرع في صياغة نصوصه ، فرغم أن دور القضاء هو تطبيق القواعد القانونية لكنه يشمل أيضا الجانب العملي لقانون عندما يتولى القاضي تطبيق القواعد القانونية ويضع الحلول للجزئيات فيستقي من المصادر الأخرى للقانون كالعرف وغيره وإذا لم يجد لا يمكن له أن يرفض الحكم بل يقضي بما توحي به قواعد العدالة ، هكذا تمثل قرارات المحاكم المتواترة موققا قضائيا يهتدى به. 
المصادر الدولية : 

أولا : الاتفاقيات والمعاهدات الدولية 
التي تبرم بين الدول في موضوعات مختلفة ، فالمسائل التي تخص القانون الدولي الخاص رغم أنها تتعلق بمصالح الأفراد لكنها ذات صبغة دولية وتمس أحيانا سيادة الدولة بصورة غير مباشرة عن طريق رعاية مصالح الأفراد التابعين لها ، فالدول تسعى إلى تنظيم علاقاتها وحل مشكلاتها ووضع الحلول داخل الأسرة الدولية عن طريق المعاهدات والاتفاقيات الجماعية أو الثنائية لتجنب التوتر في العلاقات وتحقيق المصالح . المشرع الوطني تفوته أحيانا معالجة بعض الأسباب التي تؤدي إلى تنازع القوانين أو تنازع الاختصاص القضائي الدولي أو ازدواج الجنسية أو انعدامها ، فلا يكفي التشريع الداخلي وحده لايجاد المخرج القانوني فتلجأ الدول إلى عقد معاهدات واتفاقيات دولية كوسيلة لمعالجتها ، هكذا تبرم اتفاقيات ثنائية أو جماعية وقد يسمح بالانضمام إليها لاحقا ، و تظهر أهمية الاتفاقيات الدولية في معالجة مسائل الجنسية وتسليم المتهمين وحماية الرعايا وحق العمل والاقامة والتأمين الاجتماعي و ممارسة النشاط الاقتصادي . الاتفاقيات الدولية مصدر للقانون الدولي الخاص يتميز بالصرامة والدقة والوضوح والقاضي لا يتميز بهامش واسع للتأويل فهو يتعامل مع اتفاقية أبرمت مع دولة | والأمر له علاقة بمصالح دولية كبرى لها امتدادات متشعبة .

ثانيا : العرف الدولي 
الأعراف لا تكون داخلية فقط ، بل دولية ايضا عندما تتقبلها الدول ويتكرر العمل بها ، فتصبح مصدرا من مصادر القانون الدولي الخاص ، والدول تعطي أهمية قصوى للاعراف الدولية ولها دور مهم في خلق القاعدة | القانونية . 

ثالثا : القضاء الدولي 
القاضي الدولي لا يمكنه الامتناع عن اصدار الحكم و إلا كان منكرا للعدالة ، فهو مضطر لابتكار الحلول واصدار الأحكام ، فاذا تكرر الحكم بشأن قضايا متشابهة أصبح عرفا قضائيا وأصبح مصدرا للقاعدة القانونية . 
المصادر العلمية : 
ويقصد بها أراء المؤلفين والباحثين في مواضيع القانون الدولي الخاص ، فأراؤهم يستعان بها في حسم بعض المنازعات المشوبة بعنصر أجنبي ، كما أن النصوص القانونية ليست صريحة دائما فيمكن الاستعانة باراء الفقهاء القانونيين عند غموض في النص القانوني .

موضوعات القانون الدولي الخاص : 
1- تنازع القوانين ، لأنه في حالات لا يمكن تطبيق القانون الوطني مباشرة وإلا سيؤدي إلى الإضرار بعنصر الأجنبي ثم تضرر العلاقات وانتفاء العدالة وإعاقة التعامل بين أفراد الدول وعرقلة التجارة الدولية والحيلولة دون الازدهار الاقتصادي والثقافي ، فالعلاقة المشوبة بعنصر الأجنبي تطرح السؤال من هو القانون الواجب تطبيقه أي ما يصطلح عليه تنازع القوانين فيتم تحديد القانون الواجب التطبيق على العنصر الأجنبي من بين القوانين المتنازعة للدول المختلفة في حكمه عن طريق قواعد قانونية موجودة في قانون القاضي تسمى قواعد التنازع أو قواعد الإسناد .

2- تنازع الاختصاص القضائي الدولي ، بسبب اختلاف جنسية أطراف النزاع أو مكان انعقاد العقد أو مكان التواجد .

3 الجنسية ، كأداة لتوزيع الأفراد جغرافيا ، مما يفرز أشخاصا مختلفين من حيث الحقوق والواجبات . 
4- الموطن ، فقد يحمل الشخص جنسية ما ولكنه يعيش في موطن آخر ويعمل به ويعيش فيه مع حنين دائم و ارتباط بالبلد الأصل ، وينتج عن ذلك الفرق بين المركز القانوني للمتوطن وغير المتوطن واختلافهما من مدى ما يتمتعان به من حقوق وواجبات الدولة .

5- المركز القانوني للأجانب ، خصوصا في عالم أصبح قرية صغيرة والتواصل أصبح سهلا والانتقال سريعا ، ورغم الاعتراف بحقوق الأجنبي اليوم في دول الاقامة لكن ذلك لا يعني مساواته بالوطني في الحقوق والواجبات فمركز الأجنبي في الدولة تنظمه قواعد قانونية تحدد الحقوق التي يمكن أن يتمتع بها . 

6- تنفيذ الأحكام الأجنبية ، فيكون أمرا ضروريا الاستعانة بقضاء دولة أخرى لتأمين وضع هذا القرار موضع التنفيذ وايصال الحق الى اصحابه الذين قد يوجدون خارج الدولة التي أصدرت الحكم . 

طبيعة القانون الدولي الخاص : 
هل هو قانون دولي له صفة دولية أم قانون داخلي له صفة وطنية ؟ وإذا لم تكن له صفة دولية باعتباره من القانون الداخلي ، فهل هو من فروع القانون الخاص أم العام ؟

يعرفه الدكتور حامد زكي " القانون الدولي الخاص هو ذلك الفرع من القانون الداخلي الذي يبين الحلول الواجبة الاتباع في مسائل تنازع القوانين والاختصاص ويحدد جنسية الأشخاص التابعين للدولة وحالة الأجانب فيها " 

يختلف الفقهاء هل هو قانون داخلي بحت أم أنه قانون دولي ؟ هذا الاختلاف ناشئ عن حداثة نشأة هذا القانون وتنوع مصادره وموضوعاته ، هكذا عرفه البعض الآخر بأنه " مجموعة القواعد التي تحكم الأفراد في علاقاتهم الدولية " هذا التعريف ركز على جانب الأشخاص وعلى جانب طبيعة العلاقة أي الدولية ، فهو قانون دولي خاص لأنه يتناول العلاقة بين الأشخاص بينما القانون الدولي العام يتناول العلاقة بين الدول ، فالمصالح في القانون الدولي العام لها صفة عامة بينما في القانون الدولي الخاص لها صفة خاصة . 
وما دامت قواعد القانون الدولي الخاص وطنية في مصدرها ويتكفل المشرع الوطني في كل دولة بما له من سيادة بوضعها بكل حرية وتقوم المحاكم الوطنية بتطبيقها في الحدود الإقليمية فهي داخلية محضة ، فلا يوجد قانون دولي خاص لجميع الدول ، بل إن كل دولة لها قانونها الدولي الخاص ، وهناك تيار آخر يرى فيه الصفة الدولية ويقولون بأن القانون الوطني يحكم العلاقات القانونية المحضة ، في حين أن القانون الدولي الخاص يعالج قضايا مشوبة بأفراد تابعين لدول مختلفة ، فهو قانون دولي ، كما أن له انعكاسات على علاقات الدول نتيجة الاهتمام جميع الدول بمصالح رعاياها ، لذلك فهو قانون فوق القوانين الداخلية رغم تناول قواعده حل النزاع بين المصالح الخاصة بالافراد . 

والواقع أن القانون الدولي الخاص قانون وطني كسائر القوانين الداخلية وليس له صفة دولية ولا يمكن أن يكون مثل القانون الدولي العام الذي يعتبر قانونا فوق الدول ، لأن قواعده المتعلقة بتنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي لا تزال بعيدة من أن تكون عامة ومشتركة بين جميع الدول ، فلو كانت دولية لما كان هذا الاختلاف من دولة إلى أخرى ، فالمشرع في كل دولة يستأثر بوضع قواعده بكل حرية مراعيا في ذلك ظروف بلاده الدينية والاقتصادية و الاجتماعية والسياسية ، والمحاكم الداخلية هي من تلزم الناس باتباعه اضافة إلى عدم وجود تماثل بين قواعده وقواعد القانون الدولي العام فكل من قواعد القانونين لا تتفق في المصدر والموضوع وقوة الالزام . 

خصائص القانون الدولي الخاص 
1- قانون ملزم بالمعنى الصحيح ، لأن بعض قواعده يتضمن الجزاء المادي الذي يحكم به القضاء المختص في الدولة ويتم تنفيذ الأحكام الصادرة بموجبه حسب الأصول اسوة بتنفيذ الأحكام الصادرة بموجب القوانين الأخرى في الدولة . 

2- قانون حديث النشأة ، نسبيا اذا ما قيست نشأته العديد من باقي فروع القانون الأخرى ، إذ بدأ رجال الفقه يبحثون في شمال ايطاليا عن حل لتنازع القوانين في القرن 13 وراحوا يلتمسون الحلول لهذه المسألة في القوانين الرومانية والاعراف ثم امتد التفكير إلى انجلترا و فرنسا و هولاندا حتى استعمل لأول مرة سنة 1834 بتأثر من الفقه الهولاندي ، لكن يمكن القول أن هذا القانون لم يتضح ولم يتطور الا بعد الثورة الفرنسية لأن الدول قديما كانت تتشدد في التمسك بمبدأ السيادة المطلقة وإقليمية قوانينها . 

3- قانون وطني كسائر القوانين الداخلية الأخرى ، يحكم تعيين القانون الواجب تطبيقه والمحكمة المختصة في علاقات خاصة مشوبة بعنصر أجنبي بين الأشخاص . 

4- فرع من فروع القانون الخاص ، قواعده تعين القانون الواجب التطبيق والمحكمة المختصة . 

5- بعض قواعده أي قواعد التنازع كقواعد الإسناد والإحالة تقتصر وظيفتها على إسناد حكم العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي إلى القانون الواجب تطبيقه عندما تتنازع قوانين عدة دول على حكم هذه العلاقة دون أن تمس موضوع النزاع أصلا، أي أنها ترشد قاضي الموضوع إلى القانون الواجب تطبيقه والمحكمة المختصة بينما | بعض قواعده الاخرى موضوعية تفصل في النزاع مباشرة كقواعد الجنسية ومركز الأجانب وتنفيذ الأحكام الأجنبية .
6- لا توجد قواعده بشكل مجموعة واحدة مستقلة ، بل هو موزع بين قوانین مختلفة ، كالقانون المدني والقانون التجاري وقانون الجنسية وقانون إقامة الأجانب ، لأن أحكامه لا تبلغ من الكثرة حدا يسوغ ایرادها في مجموعة مستقلة ، خاصة بالنسبة لأحكام تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي ، ولهذا فهي تدرج في القانون المدني وقانون أصول المحاكمات المدنية .

7- قانون مختلط يشمل موضوعات متعددة غير متجانسة وغير مترابطة من القانون العام والقانون الخاص مما يثير صعوبة في تحديد طبيعة قواعده فهو يحوي قواعد من القانون الخاص كقواعد تنازع القوانين وتنازع الاختصاص وأيضا قواعد من القانون العام كقواعد الجنسية ومركز الأجانب التي تتدخل الدول في تنظيمها بصفتها صاحبة سيادة وسلطة عامة لأنها من أنظمة القانون العام ومتعلقة بالسيادة.

8- مزيج من القانون الدولي والقانون الوطني ، لاحتوائه على قواعد من القانون الداخلي تعين القانون الواجب التطبيق والمحكمة المختصة في النزاع المشوب بعنصر أجنبي وقواعد أخرى من القانون الدولي تسمح بسيادة الدول على مجال تطبيق القوانين .

9ـ لا يحكم تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي في العلاقات الخاصة بين أفراد ينتمون إلى دول متعددة وجنسيات مختلفة فحسب بل يحكم أيضا تنازع القوانين وتنازل الاختصاص القضائي الدولي في العلاقات الخاصة بين أفراد ينتمون إلى دولة واحدة لكنهم وجدوا على تراب دولة أخرى .

10- له مصادر متعددة ومختلفة تشمل 3 أنواع : هي المصادر الوطنية ، التشريع والعرف والقاء والمبادئ العامة للقانون الدولي الخاص ، ومصادر دولية هي الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والأعراف الدولية والقضاء الدولي ، ثم المصادر العلمية وتتمثل في الفقه الداخلي والدولي .
مفهوم تنازع القوانين في ظل القانون الدولي الخاص 
مفهوم تنازع القوانين : 
" هو التنازع الحاصل بين قوانين دولتين أو أكثر على حل نزاع مشوب بعنصر أجنبي في علاقة قانونية خاصة تتصل في عنصر أو أكثر من عناصرها بتلك القوانين المتنازعة ، وإجراء المفاضلة بين هذه القوانين لاختيار أنسبها لحكم العلاقة بإرشاد من قواعد الاسناد "

قديما ساد مفهوم إقليمية القانون ، أي تطبيق قانون الدولة على جميع العلاقات القانونية والاشخاص والأموال في اقليمها ، فكان التشدد بفكرة السيادة وكان التعصب في مبدأ اقليمية القانون ، فلم يكن هناك أي تنازع لقوانين ، فالقانون الوحيد الواجب التطبيق هو قانون الدولة ولا يمك افساح المجال التطبيق أي قانون آخر في اقليمها ، وهو أمر يعكس انغلاق المجتمعات القديمة وتخوفها من كل ما هو أجنبي ، لكن مع تطور التجارة ووسائل النقل والانفتاح بين الشعوب أصبحت كل دولة تملك مواطنين على دولة أخرى ، فأدى ذلك إلى تنازل الدول عن التعصب والتشدد لأنك أذا عاملت مواطنين أجانب بطريقة معينة فسيلقي مواطنوك نفس المعاملة في الدول الأخرى ، هكذا تحول مبدأ إقليمية القانون من مبدأ مطلق إلى مبدأ نسبي ، و ساهم ذلك في قيام مبدأ شخصية القانون النسبي ، القاضي بتطبيق القانون الشخصي للأفراد في إقليم دولة أخرى خصوصا مايتعلق بأمور أحوالهم الشخصية ، لأن قانون الأحوال الشخصية يسري على أعضاء جماعة معينة تجمعهم أصول دينية واجتماعية معينة ، وقد كانت ايطاليا سباقة إلى التخفيف من مبدأ إقليمية القانون المطلق نظرا لازدهار التجارة في ايطاليا واختلاط مواطنيها بعدة جنسيات مختلفة .

أنواع تنازع القوانين : 
يأخذ التنازع بين القوانين صورا متعددة ، فقد يوجد بين قانوني دولتين أو أكثر ، كما يمكن أن يأخذ صورا أخرى كأن يكون تنازعا داخليا أو محليا في حالة تعدد القوانين أو الشرائع داخل إقليم الدولة الواحد .
هذا التعدد قد يكون إقليميا في حالة كانت الدولة مقسمة إلى ولايات لكل ولاية قانون خاص مثال ذلك الولايات المتحدة وقد يكون التعدد شخصيا حين تتعدد الطوائف الدينية حيث تطبق شريعة خاصة على كل طائفة مثال ذلك لبنان ، فهذا التنازع الداخلي يتم بين قوانين تسري داخل كل وحدة يختص كل منها بإقليم معين أو طائفة معينة .

هناك أيضا تنازع القوانين الاستعماري ، الذي يحدث بين قوانين الدول المستعمرة والدول المستعمرة مثال ذلك التنازع الذي حصل بين القوانين الفرنسية والشريعة الإسلامية . هناك ايضا صورة نادرة وهي التنازع الناشئ عن الضم ، يحدث ذلك عندما تضم دولة بكاملها أو جزء منها إلى دولة أخرى فتبقى الدولة الضامة قوانين الدولة المضمومة مدة معينة بجانب قوانينها ، وهنا يمكن أن يحدث تنازع بين قوانين الدولة الضامة باعتبارها القانون العام وبين قوانين الدولة المضمومة باعتبارها صاحبة قانون محلي ، مثال ذلك ما حدث في فرنسا بعد ضم الازاس وايضا ما حدث في ألمانيا .

آليات حل تنازع القوانين

أولا : التكييف 
يقصد به تلك العملية الأولية التي يقوم بها القاضي لتحديد التصرف أو الواقعة القانونية محل النزاع والمشتملة على عنصر أجنبي وإعطائها الوصف القانوني الذي يحكم هذا التصرف أو الواقعة ، ويستهدف تحديد الطبيعة القانونية للمسألة التي تثيرها وقائع المنازعة ، أي ترجمة أو صياغة أوضاع واقعية إلى أفكار قانونية محددة يمكن أن تستوعبها قواعد القانون ، بغية إدراجها في طائفة معينة من طوائف العلاقات القانونية التي وضع لها القانون قاعدة تنازع ، والتكييف له طابع قانوني ظاهر .
تحديد القانون الواجب التطبيق على التكييف 

اخضاع التكييف القانون القاضي : تعزي للفقيه الفرنسي هارتان والالماني كاهن ، الذين قالا بإخضاع مسألة التكييف القانون القاضي لاعتبارات السيادة الوطنية وذلك لأن المشرع الوطني عندما يسمح بتطبيق القانون الأجنبي بواسطة قاعدة الإسناد إنما يجد من السيادة الاقليمية لدولته لذا يجب الرجوع إلى المشرع الوطني نفسه للتعرف على مدى هذا التنازع وحدوده ، في الفقه المعاصر تحليل هذه النظرية يقول بأن التكييف عبارة تفسير القواعد الانسان الوطني وبديهي أن يتم ذلك وفقا للقانون الوطني نفسه . وقد قدم الفقه الحديث مجموعة من الحجج على ذلك :

- التكييف يجب أن يكون واحدا فلا يتغير القانون .
ـ تتسم هذه الحجة بطابع نفسي فالقاضي يكيف القضية بحكم تكوينه الثقافي والقانوني فمن الطبيعي أن يحدد الأوصاف القانونية للمسألة طبقا لقانونه.
ـ هذه الحجة أخذ بها غالبية الكتاب والفقهاء فقالوا بأن تفسير قاعدة ما في قانون ما لا يمكن أن يكون إلا وفقا لهذا القانون ذاته .

نظرية تطبيق القانون الذي يحكم القضية : هي نظرية عكسية بالمقارنة مع النظرية السابقة ، صاغها الفقيه الفرنسي ديسبانييه ويرى أصحاب هذه النظرية أن تكييف طبيعة العلاقة القانونية محل النزاع يجب أن يكون وفقا للقانون المختص بحكم موضوع هذا النزاع كما يؤكد أصحاب هذا الرأي على ضرورة الرجوع إلى القانون الذي أشارت إليه قاعدة الاسناد بتطبيقه لتحديد طبيعة المسألة محل النزاع ويستند هؤلاء إلى مجموعة من الحجج :

ـ احترام الاختصاص الكامل الذي يحكم القضية فمن غير المفهوم أن تختار قاعدة تنازع قانونا معينا لحل نزاع ثم لا يطبق القاضي ذلك القانون كاملا.
ـ اجراء تكييف طبقا لقانون آخر خلاف القانون الواجب التطبيق يحمل مغبة تطبيق هذا الأخير في غير الحالات التي يسري عليها.
ـ حجج متعلقة باعتبارات العدالة وثغرات قانون القاضي ، فإخضاع التكييف للقانون الذي يحكم النزاع يتلافي النتائج الغير العادلة التي يمكن أن يقود إليها تطبيق قانون القاضي على التكييف .
قانون القاضي يعني أن القاضي الوطني يتعين عليه أن يجري التكييف طبقا للمقتضيات والتصورات السائدة في قانون الدولة التي يحكم باسمها بمعنى أنه يتوجب على القاضي المغربي أن يجري التكييف وفقا للقانون المغربي مثال ذلك ، إذا كان قانون القاضي يعتبر شرط الزواج الديني داخلا في الشروط الشكلية مثلا فإن هذا التكييف هو الذي يتعين على القاضي العمل به فيعتبر التصرف المبرم طبقا لقانون دولته صحيحا بصرف النظر عن التكييف الذي يقضي به القانون الأجنبي ولا قاعدة الاسناد التي توجد في قانون القاضي .

نظرية تطبيق القانون المقارن 
يرى أصحاب هذه النظرية أن التكييف يجب أن يتم وفقا للقانون المقارن اي يجب أن يستخلص هذا التكييف وفقا للأفكار العالمية المستخلصة من دراسة القانون ودون التقيد بمفاهيم قانون معين بذاته سواء كان قانون القاضي أو القانون الواجب التطبيق على النزاع . ولهم حجج في ذلك :

ـ إن التكييف في تنازع القوانين وقانون العلاقات الخاصة الدولية ليس هو التكييف في القانون الداخلي وبالتالي يجب أن يكون التكييف حسب أفكار ومبادئ تتفق وخصوصية تنازع القوانين الذي يتصل بعلاقات ذات طابع دولي .
ـ إن إجراء التكييف وفقا للقانون المقارن يساعد على توقي عيوب النظريتين السابقتين لا سيما في الفرضية التي يواجه فيها القاضي نظاما قانونيا يجعله قانونه أو القانون الواجب التطبيق على القضية .

ثانيا : الإسناد
هي تلك القواعد القانونية التي تدل القاضي على القانون الواجب التطبيق على المنازعات المشتملة على عنصر أجنبي أو أكثر والتي يتزاحم على حكمها قانونين أو أكثر كل صالح للتطبيق ولكي يتعين اختيار واحد من بينهم بحكم النزاع القانوني فقط.
عناصر قاعدة الإسناد
1- الفكرة المسندة : عندما يقوم المشرع الوطني بتصنيف العلاقات المتشابهة ، هذه الفئات تسمى الافكار المسندة ، يقوم باثبات الاختصاص بحكم هذه الفكرة إلى قانون معين يكون هو الواجب التطبيق وذلك عن طريق معيار وهو ضابط الاسناد .

2- ضابط الاسناد : وهو المعيار الذي يختاره المشرع الوطني للارشاد إلى القانون الواجب التطبيق مع ضرورة مراعاة كون ضابط الاسناد متصل بالعنصر الرئيسي في المركز القانوني .

3ـ القانون المسند إليه : إن القانون المسند إليه هو ذلك القانون الدولة معينة مع ضرورة ثبات كيان هذه الدولة وفقا الأحكام القانون الدولي العام وتكون دولة القاضي معترف بها . يبقى السؤال ما هي القواعد القانونية في القانون المختص التي سيطبقها القاضي ؟ تعرف هذه النظرية بنظرية الاحالة .

مثال : اذا تعاقد مغربي مع تونسي في طوكيو على شراء منقول موجود في الأردن ففي مثالنا هذا لو ثار نزاع وعرض أمام قاض مختص بنظره بموجب أي قانون يحكم ؟ هل هو القانون المغربي بوصفه قانون الدولة التي ينمي اليها أحد المتعاقدين أم هو القانون التونسي بوصفه قانون دولة المتعاقد الاخر أم هو القانون الياباني بوصفه قانون الدولة التي أبرم فيها العقد أم هو قانون الاردن الدولة التي يوجد فيها المنقول ، هذا التعدد في القوانين المحتملة التطبيق انما هو عملية تقوم في ذهن القاضي وعليه أن اختيار القانون الأكثر ملاءمة وذلك عن طريق قاعدة الإسناد في قانونه الوطني .

ثالثا : الاحالة 
لما كانت قواعد الاحالة تختلف من دولة إلى أخرى فقد نتج عن ذلك بروز التنازع ، هذا التنازع نوعين إجابي وسلبي ، فالتنازع الايجابي يبرز عندما تعطي كل قاعدة من قاعدتي الاسناد المتنازعتين الاختصاص لقانونها | الداخلي أنذاك يطبق القاضي قانون دولته ، أما التنازع السلبي فإن كل قاعدة من قواعد الاسناد تنيط الاختصاص بالقانون الآخر ، وتعرف بالاحالة بأنها تلك الفكرة التي تقتضي بتطبيق قواعد الإسناد في القانون الأجنبي المختص بحكم العلاقة بمقتضى قواعد الاسناد الوطنية متى اختلفت هذه الأخيرة وكان التنازع بينهما سلبيا .
أنواع الإحالة : 
1- الإحالة من الدرجة الأولى : في الحالة التي يؤدي فيها أعمال قاعدة التنازع في القانون الأجنبي واجب التطبيق اعتبارا إلى رفض ترشيحه أو قابلية الحكم لمسألة محل النزاع ورد الاختصاص إلى قانون القاضي بحيث يطبق القاضي القواعد الموضوعية في قانونه ولا يتصور إعادة تطبيقه لقواعد التنازع الوطنية الأخرى .

2- الاحالة من الدرجة الثانية : فيها يؤدي الرجوع إلى قواعد التنازع في القانون الأجنبي المختار إلى رفض فكرة | الاختصاص بحكم أن المسألة المعروضة أو الإحالة ليس إلى قانون القاضي بل لقانون دولة ثالثة .

3- الاحالة الطويلة : حينما يؤدي الرجوع إلى قواعد التنازع في القانون الأجنبي المختص طبقا لقواعد التنازع في قانون القاضي إلى رفض اختصاص قانونها ، إحالته إلى دولة ثالثة الذي يرفض بدوره الاختصاص طبقا لقواعد التنازع فيه ويحيله الى قانون دولة رابعة والذي يحيله إلى قانون دولة خامسة وهكذا الى أن ينتهي الأمر بقبول قانون معين التطبيق على المسألة المعروضة أمام القاضي الوطني .

4- الإحالة الدائرية : تتحقق عندما تقرر قواعد التنازع في القانون الأجنبي الواجب التطبيق اختيار دولة ثالثة ، غير أن الرجوع إلى قواعد التنازع يجعل الاختصاص إما لقانون دولة القاضي أو لقانون الدولة الأجنبية الذي تم اختياره ابتداء حسب قواعد التنازع في قانون القاضي .

5- الاحالة الكاملة : القاضي الوطني لا يطبق قواعد التنازع في القانون المختص أصلا والتي تحيله إلى قانونه أو إلى قانون دولة ثالثة بل بمقتضاه يخضع القاضي الذي يفصل في المسألة نفسه موضع قاضي الدولة الأجنبية التي ينتمي اليها القانون الواجب التطبيق ويحل تنازع القوانين على النحو الذي سيحیله به القاضي الاجنبي
الاحالة بين القبول والرفض 

مؤيدو الاحالة : 
1 كل دولة حرة في تطبيق القانون الأجنبي وإذا قضت بتطبيقه فعليها أن تطبقه ككل لا يتجزأ أي ككل يتركب من قواعد الإسناد ،
القواعد الموضوعية .

2- يؤدي تطبيق قواعد الإسناد في القانون الأجنبي الواجب التطبيق إلى تعميم الحلول ، علاوة على احترام الحكم الذي يصدر
القاضي الوطني والاعتداد به ، والأخذ بها يحقق تبادلا في الحلول بين الدولتين صاحبتي الشأن ويسهل تنفيذ الأحكام في الخارج
عن طريق الحصول على الأمور بالتنفيذ .

معارضي الاحالة : 
1- طبيعة قواعد التنازع ووظيفتها إن قواعد التنازع سواء في قانون القاضي أو القانون الأجنبي تعد من قواعد القانون العام وبالتالي فهي اقليمية التطبيق ولا يطبقها إلا قاضي الدولة التي وضعتها .

2ـ  الإحالة تؤدي إلى حلقة مفرغة أو إلى تتابع الاحالات إلى ما لا نهاية مما يسبب ضياع مصالح الأفراد .
3- ضعف فكرة المجاملة الدولية فنظام الإحالة لا يمن تبريره إلا بفكرة المجاملة الدولية

4ـ  الإحالة دواء لغير داء فقواعد التنازع عموما وجدت لفض التنازع لذلك لا مجال للأخذ بالاحالة من الناحية المنطقية حيث مشكلة تنازع القوانين قد حلت بمجرد إعمال قواعد التنازع في قانون القاضي واختيار القانون الواجب التطبيق

رفضت مجموعة من الدول نظرية الاحالة منها ايطاليا واليونان والبرازيل واسبانيا و مصر وسوريا بينما قبلها الاجتهاد القضائي في بريطانيا والمانيا وسويسرا و اليابان والصين و السويد وكذا اتفاقية لاهاي وجنبيف بشأن الأوراق التجارية ، أما في المغرب فلم يتعرض الظهير المتعلق بوضعية الأجانب لهذه المسألة
تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق
  • Unknown
    Unknown 13 مايو 2019 في 6:23 ص

    شكرا جزيلا

    إرسال ردحذف



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -