المسطرة الجنائية 

عندما تقع الجريمة يتولد للدولة الحق في العقاب ، فقواعد القانون الجنائي باعتباره قانون موضوع تظل في حالة سكون إلى أن تخرق ، حينها يأتي دور قانون المسطرة الجنائية باعتباره حلقة وصل بين ارتكاب الجريمة وتوقيع العقاب على مرتكبها ، فالقاعدة القانونية واجبة التطبيق لكن بوسيلة محددة ، وهي تحريك الدعوى الجنائية ، من هنا تأتي أهمية قانون المسطرة الجنائية باعتباره قانونا إجرائيا ينظم سلطة الدولة وأجهزتها في الاعتقال والمتابعة والمحاكمة والعقاب ويحدد القواعد المتعين تطبيقها في جميع الإجراءات القضائية التي تعقب ارتكاب الجريمة ، و طبيعي أن تمس بعض هذه القواعد حقوق و حريات الأفراد ذلك أننا بصدد معادلة صعبة تقتضي الموازنة بين مكافحة الجريمة وحماية الأمن العام وبين احترام الحقوق والحريات العامة وهو الأمر المتفق عليه عالميا في مجال حقوق الانسان . 

وقانون المسطرة الجنائية يتنازعه تاريخيا نظامان للاجراءات هما النظام الاتهامي وهو الأقدم حيث كانت الدعوى الجنائية أشبه بالمدنية و لا تتحرك الدعوى الجنائية إلا اذا باشرها المجني عليه مع العلانية وشفهية المرافعات ، ثم النظام التفتيشي حيث تقوم الدولة بمهمة الاتهام عن طريق النيابة العامة مع سرية الاجراءات وكتابتها و جریانها في غياب الخصوم، والمشرع المغربي أخذ بالنظام المختلط حيث يعتمد النظام التفتيشي خلال مرحلة البحث عن الادانة فتسود السرية والكتابة ثم يظهر النظام الاتهامي خلال المحاكمة حيث العلنية والحضورية والشفوية .

الشرطة القضائية

هذه المرحلة تسمى البحث التمهيدي ، وهي فاتحة إجراءات الدعوى العمومية ، وتتأسس عليها المراحل اللاحقة وقد أناط القانون الأجهزة مختصة تسمى الشرطة القضائية مهمة القيام بإجراءات البحث التمهيدي ، وهناك ضوابط تؤطر اختصاص الشرطة القضائية .

القواعد العامة المتعلقة بالشرطة القضائية 
1- مهمة الشرطة القضائية محصورة في القضاة والضباط والموظفين والأعوان الذين بينتهم المواد 16-19-20 من ق م ج وبعض التشريعات لا تسند مهمة الشرطة القضائية إلى قضاة التحقيق أو الحكم وهو موقف رغم وجاهته لم يأخذ به المشرع المغربي وعلل ذلك بسعة التراب الوطني ولذلك احتفظ المشرع القضاة المحاكم وقضاة التحقيق بسلطاتهم کشرطة قضائية.
2- تحديد مهمة الشرطة القضائية في البحث التمهيدي ، أي التأكد من وقوع الجريمة وجمع الأدلة عنها . 
3- تحديد الفترة التي يمكن لتلك الهيئات أن تمارس مهمة البحث التمهيدي وهي الفترة اللاحقة لارتكاب الجريمة والسابقة على تدخل وكيل الملك أو قاضي التحقيق .
4- جعل الاجراءات في هذه المرحلة سرية بحيث يكون كل من قام بها أو اطلع عليها ملزما بكتمانها وإلا اعتبر مفشيا لسر المهنة وتعرض للجزاءات المقررة . 
5- هيئة الشرطة القضائية تتكون من فئات متعددة من الموظفين يخضعون الادارات مختلفة لذلك كان من الضروري تنسيق العمل فيما بينها تفاديا للتنافس غير المجدي لذلك أوجب المشرع جهة معينة تديرها وأخرى تشرف عليها وثالثة تراقب نشاطها .

ماهية الشرطة القضائية ومسؤوليتها 
المواد من 16 إلى 35 من ق م جتناولت مهام الشرطة القضائية و كيفية قيامها بمهامها ومختلف الاجراءات والبحوث التمهيدية المتعلقة بها ، هكذا يمكن إعطاء تعريف للشرطة القضائية " هي جهاز خاص يتكون من عناصر تنتمي إلى السلطة القضائية وأجهزة أخرى إدارية محددة مهامهم طبقا لقوانين خاصة أناط بها المشرع مهمة التثبت من وقوع الجريمة وجمع الأدلة والبحث عن مرتكبها طبقا لإجراءات مسطرية محددة قانونا " .
أصناف ضباط الشرطة القضائية 
وسع المشرع المغربي من دائرة المتدخلين في قمع الجريمة ، وقد نصت المادة 19 من ق م جعلی صنفين كبيرين من عناصر الشرطة القضائية هم الضباط السامون والعاديون ممن لا يتوفرون على الصفة الضبطية .

الضباط السامون
حددتهم الفقرة 1 من المادة 19 في : 
1- الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف و نوابه 
2- وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية و نوابه 
3- قضاة التحقيق بمحاكم الإستئناف والمحاكم الابتدائية 
صفة " ضابط سامي " للشرطة القضائية مقتصرة فقط على الأشخاص المنتمين للجهاز القضائي والذين حدد المشرع مهامهم في تسيير أعمال ضباط الشرطة القضائية الآخرين والإشراف على البحث التمهيدي وإجراءاته .

الوكيل العام للملك ونوابه
تم تخويله ونوابه صفة ضابط سامي انسجاما مع الاختصاصات الموكولة إليهم في إجراء تحريك الدعوى العمومية في الجنايات والجنح المرتبطة بها أو المنصوص عليها في قوانين خاصة و ممارسة السلطة على الشرطة القضائية .

وكيل الملك ونوابه
هو رئيس النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية ، ويمثل شخصيا أو بواسطة نوابة جهاز النيابة العامة في دائرة نفوذ المحكمة الابتدائية ، ويمارس الدعوى العمومية تحت مراقبة الوكيل العام للملك تلقائيا أو بناء على شكاية متضرر.

قضاة التحقيق
حددت المادة 52 من ق م جطبيعة القضاة المكلفين بالتحقيق وطريقة تعيينهم ، فهم يعينون من بين قضاة الحكم المدة 3 سنوات قابلة للتجديد بقرار من وزير العدل والحريات بناء على اقتراح من رئيس المحكمة .
الضباط العاديون للشرطة القضائية 
"الضباط العاديون" مصطلح لم يستعمله المشرع المغربي ، لكن المادة 20 من ق م ج حددت ضباط الشرطة القضائية العاديين في الاشخاص التالية :
1- المدير العام للأمن الوطني و ولاة الأمن والمراقبون العامون للشرطة وعمداء الشرطة وضباطها و ضباط الشرطة المكلفون بالاحداث و مفتشو الشرطة .
2- ضباط الدرك الملكي
3- الموظفون المنتمون للسلطة المحلية
4- المدير العام لإدارة مراقبة التراب الوطني
5- الموظفون والاعوان المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية

اختصاصات ومسؤوليات ضباط الشرطة القضائية 
الشرطة القضائية أثناء ممارستها مهامها تحكمها مجموعة من القواعد والأحكام تهم اختصاصها المكاني فضلا عن كيفية ممارسة اختصاصها النوعي تحت طائلة مجموعة من الجزاءات القانونية تترتب عليها مسؤولية ضابط الشرطة القضائية والتي تختلف باختلاف نوعية وطبيعة الخطأ الذي ارتكبه .

اختصاص الشرطة القضائية 
يتحدد اختصاص الشرطة القضائية في الاختصاص المكاني والاختصاص النوعي .

الاختصاص المكاني
أولا بالنسبة لضباط الشرطة القضائية السامون
1- وكيل الملك و نوابه
2- الوكيل العام للملك ونوابه
3- قاضي التحقيق
ثانيا : ضباط الشرطة القضائية العاديون 
يمارسون اختصاصاتهم داخل الرقعة الجغرافية المعين فيها المباشرة عمله ، وقد تكون مجرد جماعة ترابية أو قيادة أو دائرة قضائية وأحيانا مجموع التراب الوطني . يمارسون مهامهم في دائرة نفوذ محكمة الإستئناف وتحت إشراف وتسيير وكيل الملك ، وقد يمتد الاختصاص المكاني لضابط الشرطة القضائية لكامل التراب الوطني في حالتين :
ـ حالة الاستعجال وضرورة البحث التمهيدي
ـ اذا طلبت منهم السلطة القضائية أو العمومية ذلك

الاختصاص النوعي لضباط الشرطة القضائية
1- بالنسبة لوكيل الملك ، التثبت من وقوع الجريمة وجمع الأدلة والبحث عن مرتكبها بالنسبة للجنح والمخالفات التي تقع داخل دائرة نفوذ المحكمة الابتدائية المعين بها ويمارس مهامه تحت سلطة الوكيل العام للملك ومراقبة الغرفة الجنحية لمحكمة الإستئناف ، ويتخلى ضابط الشرطة القضائية فور حضور وكيل الملك أو نائبه إلى مسرح الجريمة الذي بإمكانه تكليف أي ضابط الشرطة القضائية لمواصلة العمليات. 
2- بالنسبة للوكيل العام للملك ، فهو يختص نوعيا بالقيام بجميع عمليات البحث التمهيدي في كل ما يتعلق بالجنايات ، ويتولى بنفسه أو أحد نوابه أعمال البحث التمهيدي ما لم يكلف أحد ضباط الشرطة القضائية بذلك . 
3- أما بخصوص قضاة التحقيق وبناء على تواجدهم بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الإستئناف ، فيختص قضاة التحقيق في المحاكم الابتدائية بالنظر في الجنح تحت إشراف وكيل الملك ، بينما قاضي التحقيق بمحكمة الإستئناف يقوم بالتحقيق في الجنايات تحت إشراف الوكيل العام للملك . 

مسؤولية أعضاء الشرطة القضائية 
حسب الفصول 225-230-231-446 من مجموعة القانون الجنائي فإن مسؤولية ضابط الشرطة القضائية قد تكون تأديبية أو جنائية أو مدنية أو إدارية .

المسؤولية التأديبية
عالج المشرع المسؤولية التأديبية المترتبة عن إخلال مهني وعدم احترام واجبات والتزامات الوظيفة وفق ما | يقرره القانون في المواد من 29 الى 35 ، كما خول الغرفة الجنحية بمحكمة الإستئناف حق مراقبة أعمال الشرطة القضائية وتقديرها عند الإخلال بالواجبات المهنية والنظر تبعا لذلك في مسؤوليتهم التأديبية وتوقيع الجزاء المناسب قانونا . 
المسؤولية الجنائية 
بعض الأخطاء قد تتجاوز الأخطاء المهنية فتكتسي صبغة جرمية تمس حريات وحقوق الأفراد مما يؤدي إلى إثارة المسؤولية الجنائية في حقهم ، وقد تعرض المشرع إلى أنواع من هذه الجرائم التي يرتكبها ضباط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامهم منها :

- الشطط في استعمال السلطة إزاء الأفراد - تواطؤ الموظفين - تجاوز السلطات الادارية والقضائية - الاختلاس - الرشوة واستغلال النفوذ و- افشاء السر المهني - التزوير - الاعتقال التحكمي - هتك حرمة منزل - استعمال العنف - التعذيب .

المسؤولية المدنية 
يتحمل ضباط الشرطة القضائية المسؤولية المدنية عن الأضرار التي يلحقونها بالغير أثناء مزاولة مهامهم طبقا | للقواعد العامة ، فيجوز للمتضرر المطالبة بحقوقه المدنية أمام الهيئة التي تبث في الدعوى الجنائية عن طريق الدعوى المدنية التابعة أو في إطار المسؤولية التقصيرية ، وتجري المطالبة بالحق المدني وفقا أحكام المادتين 350 و 351 من ق م ج ويمكن إقامة دعوى مدنية منفصلة أمام المحكمة المدنية المختصة طبقا للمادة 10 . 

أولا : المطالبة بالحق المدني في إطار الدعوى المدنية التابعة 
يخضع المتضرر خلال الدعوى المدنية التابعة لمقتضيات المواد 348 الى 356 من ق م ج ولكي تسمع دعواه | عليه التقيد بالشروط التالية : 1. الا يكون قد سبق له أن انتصب طرفا مدنيا أمام قاضي التحقيق 2. تحديد المطالب المدنية بمقتضى مذكرة مرفقة بصورة لوصل أداء الرسم القضائي الجزافي أو تقديم تصريح شفهي يسجله كاتب الضبط بالجلسة وينذره بأداء الرسم القضائي 3. إذا كان المتضرر قاصرا أو ليست له أهلية لممارسة حقوقه المدنية فيجب أن يقيم الدعوى من يمثله قانونا 4. يتعين إدخال الدولة في الدعوى وتقديم المطالب ضدها كلما تعلق الأمر بطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية والتصريح بمسؤوليتها . 

ثانيا : المسؤولية التقصيرية 
المتضرر له الحق في رفع دعوى مدنية تابعة أمام القضاء الزجري في إطار أحكام المسؤولية التقصيرية التي يؤطرها الفصلين 79 و 80 من ق ل ع ، لكن عندما تثار مسؤولية الدولة وجب التفريق بين الأخطاء المصلحية والاخطاء الشخصية . 1. الخطأ المصلحي يرتكبه ضابط الشرطة القضائية وينسب إلى الدولة باعتباره موظفا تابعا لها ، ويجب أن تكون العلاقة السببية قائمة بين الخطأ والوظيفة وتكون الوظيفة هي السبب المباشر للخطأ وإلا انتفت مسؤولية الدولة 2. الخطأ الشخصي يرتكبه ضابط الشرطة القضائية ويتحمل فيه مسؤولية شخصية كاملة متى ارتكبه خارج إطار الوظيفة ولا تقوم مسؤولية الدولة ، وقد يرتكبه خلال مزاولة المهنة لكن بسوء نية قصد تحقيق منفعة شخصية ، ففي هذه الحالة ترفع الدعوى ضد الضابط المتسبب في الضرر ولا يمكن رفعها ضد الدولة . 
المسؤولية الادارية 
تتجلى أثار العقوبات الادارية في تأثيرها على الحياة الادارية لأعضاء الشرطة القضائية المخالفين ، فبالنسبة للضباط السامين يرجع أمر النظر في المخالفات المهنية إلى المجلس الاعلى للسلطة القضائية أما باقي ضباط الشرطة القضائية العاديون والموظفون والأعوان الذين يقومون ببعض مهام الشرطة القضائية فإنهم يخضعون للعقوبات التأديبية الواردة في الفصل 66 من ظهير 24 فبراير 1958 وهي مرتبة حسب خطورتها على الشكل التالي : الانذار - التوبيخ - الحذف من لائحة الترقي - الاندحار من الرتبة – القهقرة من الرتبة – العزل من غير توقيف التقاعد - الحرمان المؤقت من كل أجرة باستثناء التعويضات العائلية لمدة لا تتجاوز 6 اشهر - الاحالة الحتمية على التقاعد.

مهام الشرطة القضائية
حددتها المادتين 18 و 21 في ما يلي : 
1- التثبت من وقوع الجرائم وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها 
2- تلقي الشكايات والوشايات وإجراء الابحاث التمهيدية 
3- تنفيذ أوامر وإنابات قضاة التحقيق وأوامر النيابة العامة

إجراءات البحث في حالة التلبس بالجريمة التلبس بالجريمة 
حالة ممتازة على مخالفة القانون ، وهو يتطلب إجراءات سريعة و تدخلا فوريا لجمع الأدلة والقيام بالتحريات الضرورية لاستجماع عناصر الجريمة والحيلولة دون ضياعها ، وهو يتطلب مسطرة خاصة يتمتع فيها ضباط الشرطة القضائية بهامش واسع من الحرية في البحث والتحري بدأ من الانتقال الفوري إلى مسرح الجريمة والتفتيش والحجز والوضع تحت الحراسة النظرية وما يترتب عنها من آثار قانونية تمس ضمانات المشتبه به وقرينة البراءة . 
ماهية التلبس بالجريمة وتمظهراته 
الجريمة المتلبس بها هي التي تشاهد وقت حدوثها أو يضبط فاعلها أثناء اقترافه لها أو بعد تنفيذه لها بوقت وجيز ، فالتلبس حالة مغايرة للحالة العادية لذلك خصص لها المشرع المواد من 56 إلى 77 ، لكنه تناول مصطلح التلبس من خلال أربع حالات دون وضع أي تحديد للمفهوم مع ضبابية في مصطلح "بوقت وجيز ". 

حالات التلبس 
نصت المادة 56: " تتحقق حالة التلبس بجناية أو جنحة :
1- إذا ضبط الفاعل أثناء ارتكابه الجريمة أو على إثر ارتكابها 
2- اذا كان الفاعل ما زال مطاردا بصياح الجمهور على إثر ارتكابها 
3- اذا وجد الفاعل بعد مرور وقت قصير على ارتكاب الفعل حاملا أسلحة أو أشياء يستدل معها أنه شارك في الفعل الاجرامي أو وجد عليه آثار أو علامات تثبت هذه المشاركة " 

نلاحظ أن التقارب الزمني بين لحظة ارتكاب الجريمة ولحظة اكتشافها يبقى حاسما في إصباغها بطابع التلبس . 
أولا : ضبط الفاعل أثناء ارتكابه الجريمة أو على إثر ارتكابها
ثانيا : الحالة التي يكون فيها الفاعل مطاردا بصياح الجمهور
ثالثا : تواجد الفاعل بعد وقت قصير على ارتكاب الجريمة ومعه اسلحة أو اشياء أو آثار أو علامات تدل على مشاركته في الجريمة 
رابعا : وقوع الجريمة داخل منزل التمس صاحبة التثبت منها 

الشروط العامة لتحقق حالة التلبس 
1- أن يتعلق الأمر بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس 
2- أن تتوفر إحدى حالات التلبس الاربعة 
3- أن تحصل المشاهدة من قبل ضابط الشرطة القضائية 
4- أن تتم المشاهدة بصورة مشروعة 
إجراءات البحث التلبسى 
البحث التلبسي يتطلب من ضابط الشرطة القضائية أن يغادر مكتبه إلى مكان اقتراف الجريمة وجمع الأدلة وغيرها من الاجراءات التي قد تمس بحريات الأفراد وحقوقهم الأساسية وأمنهم القانوني .

أولا : الانتقال إلى عين المكان 
وذلك بمجرد علمه بحالة التلبس بجنحة أو جناية من أجل المعاينة بقصد إظهار الحقيقة مع إخبار النيابة العامة بهذا الانتقال ، وهو ما نصت عليه المادة 57 ، إلا أنها لم ترتب أي جزاء عند عدم إخبار النيابة العامة بالتنقل ، ويكتسي هذا الانتقال أهمية بالغة كونه من أجل الوقوف على آثار الجريمة والمعالم الناطقة بارتكابها وهو الشاهد الأول على الجاني ، مما يتعين التعامل مع هذا الشاهد الصامت بنوع من الدقة والاحتياط تجعل الضابط أقرب إلى الحقيقة .

ثانيا : إجراءات المعاينة 
التنقل إلى مكان وقوع الجريمة مقيد بإجراء في غاية الأهمية وهو قيام ضابط الشرطة القضائية ب " المعاينات المفيدة " وتنصب معاينة ضباط الشرطة القضائية على الأشياء والأشخاص والأمكنة وكل ما من شأنه المساعدة في البحث والتحري والكشف عن الحقيقة ، هكذا نصت المادة 81 على أنه " يجوز لضابط الشرطة القضائية إجراء تفتيش جسدي على كل شخص تم وضعه تحت الحراسة النظرية" مع عدم انتهاك حرمة امرأة والاستعانة من أجل ذلك بامرأة ينتدبها الضابط ما لم يكن الضابط امرأة ، وتفتيش الأشخاص تدبير استثنائي ضيق المشرع من اللجوء إليه وجعله مشروطا بالوضع تحت الحراسة النظرية .

إجراءات الوضع تحت الحراسة النظرية 
هو من أخطر الإجراءات التي يقوم بها ضابط الشرطة القضائية لتعلقها بحرية الانسان وأمنه القانوني لذلك قيد المشرع هذا المقتضی بشروط ضمانا لحقوق الأشخاص ، كم أن المشرع ألزم ضابط الشرطة القضائية بتوثيق جميع العمليات التي يقوم بها بدءا من الانتقال إلى مكان الجريمة والقيام بالمعاينة مرورا بإجراءات التفتيش والحجز وانتهاء بالتحفظ على الأشخاص ووضعهم تحت الحراسة النظرية والاستماع إليهم وتقديمهم إلى النيابة العامة .
الوضع تحت الحراسة النظرية 
من أجل استجلاء الحقيقة منح المشرع لضابط الشرطة القضائية هامشا واسعا في الاستماع إلى أي شخص قد تكون تصريحاته مفيدة في البحث والتحفظ عليه وهو ما نصت عليه المادة 65. 

أولا : إجراءات الوضع تحت الحراسة النظرية 
تناول المشرع جراءاتها في المواد 66 وما يليها ، وهي من أهم الصلاحيات المخولة لضباط الشرطة القضائية وأخطرها في نفس الوقت لتعلقها بحريات الأفراد ، فالحراسة النظرية هي إيقاف شخص مشتبه به رهن اشارة ضابط الشرطة القضائية لفائدة إجراءات البحث والتحري خلال مدة محددة في مركز الشرطة القضائية ، ولعل الهدف من ابقاء هذا الشخص المشتبه فيه رهن الاشارة هو الحيولة دون فراره أو إخفائه معالم الجريمة أو تغييرها وبالتالي تعطي فرصة لضابط الشرطة القضائية من أجل الوصول إلى الحقيقة والتثبت من صلة الشخص الموقوف بالجريمة ، وقد حددت المادة 65 صنفين من الاشخاص الممكن وضعهم تحت الحراسة النظرية ، الصنف الأول يمنعه الضابط من الابتعاد عن مكان الجريمة والصنف الثاني أي شخص قد يفيد في إظهار الحقيقة . 

ثانيا : الضمانات والآثار المترتبة عن الوضع تحت الحراسة النظرية 
اضافة الى الشروط السالفة ، عزز المشرع تدابير الوضع تحت الحراسة النظرية باحترام مجموعة من الأحكام والشكليات والمقتضيات التي تعتبر بمثابة ضمانات كرسها القانون لفائدة الأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية ، من هذه الضمانات إخبار الشخص أنه تم القبض عليه أو وضعه تحت الحراسة النظرية فورا وبكيفية يفهمها وبدواعي اعتقاله وبحقوقه ومن بينها حق التزام الصمت ، والهدف من هذا المقتضى الجديد الذي جاء به تعديل 17 أكتوبر 2011 هو تهييء الشخص الموقوف نفسيا وإحاطته بالافعال الجرمية المنسوبة إليه والاسباب الداعية الى اعتقاله ثم تعريفه بحقوقه التي يكفلها له القانون. 

مراقبة النيابة العامة لضباط الشرطة القضائية
منح المشرع للنيابة العامة مراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية سواء من خلال المحاضر المحالة عليها أو من خلال زيارة أعضائها لأمكنة الحراسة النظرية وتحريرهم لتقارير بما عاينوه من إخلالات في إجراءات الحراسة النظرية ويشعرون بها الوكيل العام للملك ، هذا الاشراف توخي منه المشرع مراقبة قانونية أعمال الشرطة القضائية وسلامة إجراءاتها في كل ما يتعلق بالابحاث والتحريات الضرورية بشأن الجرائم ، وهذه المراقبة تشمل جميع الإجراءات والعمليات التي يقوم بها جهاز الشرطة القضائية .
أولا : مراقبة إجراءات التفتيش 
ثانيا : مراقبة إجراءات الوضع تحت الحراسة النظرية 
ثالثا : مراقبة المحاضر 

اختصاصات أخرى موكولة للشرطة القضائية 
الضباط الشرطة القضائية مهام أخرى غير البحث التلبسي ، تتمثل في الأبحاث التمهيدية ، تلقي الشكايات والوشايات ، تنفيذ أوامر وإنابات قضاة التحقيق و أوامر النيابة العامة . ولا يجب الخلط بين البحث التلبسي والبحث التمهيدي ، فلكل منهما نصوص خاصة ، كما أن الضابط في البحث التمهيدي لا يكون له هامش واسع من الحرية كما هو الأمر في البحث التلبسي ، كما يكون مقيدا إلى حد كبير بتعليمات النيابة العامة .

إجراءات البحث التمهيدي في الأحوال العادية 
المادة 78 من ق م ج " يقوم ضباط الشرطة القضائية بأبحاث تمهيدية بناء على تعليمات النيابة العامة أو تلقائيا و يسير هذه العمليات وكيل الملك أو الوكيل العام للملك كل في ما يخصه " المشرع المغربي لم يفرق بين البحث التمهيدي سواء العادي أو التلبسي إلا أنه فرق بينهما من خلال بعض الاجراءات التي تميز كلا على حدة ، أما الفقيه أحمد الخمليشي فقد عرفه بأنه " مرحلة التثبت من وقوع الجريمة وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها .

يتم تلقي الشكايات والوشايات بإحدى طريقتين : 
ـ عن طريق النيابة العامة 
ـ عن طريق المتضرر أو الواشي مباشرة 
وفي كلا الحالتين يخضع ضباط الشرطة القضائية لتعليمات النيابة العامة في القيام بأبحاثها لإظهار الحقيقة وجمع الأدلة والاستماع للأشخاص وما يواكب ذلك من إجراءات . 
تلقي الشكايات عن طريق النيابة العامة 
تختلف الشكاية عن الوشاية من نواحي عديدة وكلا منهما لها آثار قانونية على مستوى المراكز القانونية للأطراف ، ناهيك عن التبليغ عن الجرائم التي نظم المشرع مقتضياته في تعديل 2011 الذي طال قانون المسطرة الجنائية . 

أولا : الشكاية
هي إجراء قانوني منحه المشرع للمتضرر من الجريمة أو من ينوب عنه يخوله التقدم إلى السلطات المختصة ليبلغها عن خبر جريمة تعرض لها ، وقانون المسطرة لم يحدد شكلا محددا للشكاية فقد تكون كتابية أو شفوية إلا أن العمل القضائي استقر على أن جميع النيابات العامة تتلقي الشكايات كتابة ولا تتلقي الشكايات الشفوية ، وتتلقاها بإحدى الطرق التالية :
1. مناولة من المشتكي مباشرة أو نائبه أو دفاع 
2. عن طريق البريد المضمون أو العادي 
3. عن طريق الاحالة للاختصاص من محكمة أخرى 
4. عن طريق الانتداب الجنائي

ثانيا : الوشاية 
هو إخبار شفوي أو كتابي أو بواسطة الهاتف يصدر من شخص قد يكون معلوما أو مجهولا لم يتضرر مباشرة من الجريمة لكنه يتدخل لابلاغ الجهات المختصة بوقوعها ، وقد تصدر الوشاية عن جهة رسمية وفقا للمادة 42 من ق م ج التي تنص على أنه " يجب على كل سلطة منتصبة وعلى كل موظف بلغ إلى علمه أثناء ممارسة مهامه ارتكاب جريمة أن يخبر بذلك فورا وكيل الملك أو الوكيل العام للملك وأن يوجه إليه جميع ما يتعلق بالجريمة من معلومات ومحاضر ووثائق " كما تصدر الوشاية من جهة غير رسمية وهو ما ذكره المشرع في المادة 43 .

ثالثا : التبليغ 
المشرع ورغبة منه في محاربة الجريمة شجع على التبليغ عن نوع خاص من الجرائم تتمثل في : جريمة الرشوة ، استغلال النفوذ ، الاختلاس ، التبديد ، الغدر ، غسل الأموال ، الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من ق م ج، ويحق للمبلغ أن يطلب من وكيل الملك اتخاذ واحد أو أكثر من التدابير التالية : 
1- إخفاء هوية المبلغ في المحاضر والوثائق المتعلقة بالقضية 
2- تضمين هوية مستعارة أو غير صحيحة للمبلغ 
3- عدم الإشارة إلى العنوان الحقيقي للمبلغ ضمن المحاضر والوثائق 
4- الاشارة الى عنوان اقامته والى مقر الشرطة القضائية التي تم فيها الاستماع اليه 
5- تضع رهن اشارته رقما هاتفيا خاصا بالشرطة القضائية حتى يتمكن من اشعارها بالسرعة الكافية في حالة صدر أي رد فعل يهدد سلامته 
6- توفير الحماية الجسدية للمبلغ وأفراد عائلته من طرف القوة العمومية 
7- التماس المبلغ الاستماع إليه شخصيا من طرف ممثل النيابة العامة والحفاظ على سرية هوية المبلغ .
غير أنه إذا قام المبلغ بالتبليغ بسوء نية عن وقائع غير صحيحة فإنه يتعرض لأحدى العقوبات المنصوص عليها في الفصلين 365 و 370 من مجموعة القانون الجنائي . 

تلقي الشكايات والوشايات مباشرة
يتقدم المتضرر مباشرة بشكاية إلى الشرطة القضائية فيتوجب على ضابط الشرطة القضائية بمجرد توصله بها إخبار ممثل النيابة العامة باعتباره ضابطا ساميا للشرطة القضائية وإحاطته علما بما حدث في دائرة نفوذه من مخالفات للقانون الجنائي فيعطي هذا الأخير تعليماته للضابط للقيام بالمطلوب ، وقد يتم الاخبار عن طريق الهاتف فتتخذ النيابة العامة الاجراء المناسب بما تقتضيه المادتين 40 و 49 ويكون الضابط ملزما باحترام تعليمات النيابة العامة تحت طائلة العقوبات المقررة قانونا .

البحث التمهيدي في الأحوال العادية
تنظمه المواد 21 و 78 و 82 ولم يحدد المشرع أي شروط خاصة كما هو الشأن بالبحث في حالة التلبس مما يجعلها يصبطغ بخصوصية إعطائه ضمانات أكبر للحقوق والحريات وحماية المراكز القانونية للأطراف . فالشرطة القضائية تقوم بالتحريات في مجال البحث التمهيدي في الأحوال العادية إما تلقائيا وإما بتعليمات من النيابة العامة م86 ، والضباط العاديون هم المكلفون من الناحية العملية بالقيام بالاجراءات والتحريات اللازمة في هذه المرحلة تحت رقابة ضباط الشرطة القضائية السامين إما بتعليمات من رؤسائهم أو تلقائيا هكذا يتدخلون للبحث عن الجرائم و تجميع الأدلة وتلقي الشكايات والوشايات من الجمهور والقيام بالتحريات مع تسخير القوة العمومية عند الاقتضاء . 

الاستماع للأطراف 
يباشر الضابط بحثه التمهيدي بالاستماع إلى المشتكي بعد استدعائه للمثول أمامه إذا كان البحث ينصب على شكاية محالة من النيابة العامة أو الاستماع إليه مباشرة في حالة التقدم بشكاية مباشرة أمام الشرطة القضائية ، ويعتبر المشتكي الضحية أول حلقة في البحث التمهيدي من خلال إدلائه بمجموعة من المعلومات تساعد الضابط في بحثه ثم يستمع الضابط أيضا للمصرحين إن وجدوا في محاضر منفصلة عن بعضها . الغاية من الاستماع إلى المشتبه به محاولة التثبت من الجريمة والوصول إلى الحقيقة لكن هذه الغاية يجب أن تتحقق بالوسائل المشروعة بعيدا عن أي تعذيب أو مس بالسلامة الجسدية أو التعسف أو العنف أو الاكراه .
الاعتقال والتفتيش
هو إجراء خطير ويدخل ضمن صلاحيات الشرطة القضائية لكن المشرع نص في المادة 79 على منع دخول المنازل وتفتيشها دون موافقة صريحة من صاحب البيت وتتضمن هذه الموافقة تصريحا مكتوبا بخط اليد فإذا | كان لا يعرف الكتابة يشار إلى ذلك في المحضر ، أما إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية وامتنع الشخص عن اعطاء موافقته بتفتيش البيت فيمكن إجراؤه بإذن كتابي من النيابة العامة بحضور الشخص المعني بالأمر وفي حالة امتناعه أو تعذر حضوره يكون بحضور شخصين شاهدين من غير الخاضعين لسلطة ضابط الشرطة القضائية . فالمادة 59 توجب على ضابط الشرطة القضائية إجراء عمليات التفتيش بحضور الأشخاص المعنيين واتخاذ جميع التدابير الكفيلة باحترام السر المهني إذا أجري التفتيش في أماكن معدة لاستعمال مهني ويحرر الضابط محضرا بذلك مع ضرورة إشعار النيابة العامة . وفي حالة تفتيش أماكن بها نساء انتدب الضابط امرأة الحضوره .

النيابة العامة 

النيابة العامة هيئة قضائية من نوع خاص وتسمى بالقضاء الواقف ، وإذا كان البعض لا يتفق في وصفها بهذه الصفة كونها طرفا في الدعوى والطرف لا يكون خصما و حكما في نفس الوقت إلا أن الفصل 2 من ق م ج يقرر لها هذه الصفة بصراحة ، سابقا كانت النيابة العامة تقف كطرف عادي بين يدي القضاء على قدم المساواة | مع المتهم ومن ثم كانت تسميتها بالقضاء الواقف لكن بعد ذلك تغير الوضع وأصبحت تتمتع بعدة امتيازات. 

النيابة العامة طرف أصلي في القضايا الزجرية يتعين حضورها عند المناقشة وعند صدور الحكم ، كما تدخل في تأليف وتشكيل المحكمة بحيث يجب أن يوجد في الحكم ما يدل على حضور ممثلها ولا يكتفي بالقول أنه كان حاضرا بل يجب ذكر اسم ممثل النيابة العامة ، أما في القضايا المدنية فهي طرف منضم ولا تكون طرفا أصليا إلا في حالات نادرة ، وتكون مهمتها في القضايا المدنية مراقبة سير القضية في جميع المراحل والمطالبة بتطبيق القانون والسهر على تنفيذ القرارات التي تصدرها المحاكم. 
تعتبر النيابة العامة السلطة التي أوكل إليها المشرع في ق م ج تحريك الدعوى العمومية بشأن الجرائم التي تحال عليها ، ومنحها العديد من الوسائل الإجرائية في سبيل ذلك ، و رتب عليها مجموعة من الاثار القانونية خصوصا في ما يتعلق بتكييف الدعوى الجرمية وطريقة إحالتها على المحكمة أو غرفة التحقيق . 

إجراءات ومساطر تحريك الدعوى العمومية
ممارسة الدعوى العمومية تتطلب احترام مجموعة من الإجراءات التي قد تختلف باختلاف الجريمة ، هكذا تضطلع النيابة العامة بمجموعة من المهام والاختصاصات التي خولها لها المشرع وتدخل في إطار تأطير و تكييف الأفعال واتخاذ القرار المناسب بشأنها . 

الجهات الأصلية في ممارسة الدعوى العمومية 
النيابة هي الممثل الوحيد للمجتمع ، فهي بذلك الجهاز الأصيل الذي يبدأ بنشر الدعوى العمومية أمام القضاء، ولا نبالغ إذا قلنا بأن النيابة العامة هي التي تستحوذ على معظم المراحل الإجرائية التي تقطعها الدعوى العمومية منذ ولادتها إلى صدور الحكم النهائي بل إلى تنفيذها ، فهي التي تقوم بتحريكها و مراقبتها و ممارستها وتنفيذ مختلف الجزاءات المتعلقة بها ، فهي تصاحب بل وتسيطر على الدعوى العمومية منذ إثارتها إلى نهايتها .

تنظيم النيابة العامة
نقف أولا على تركيبتها بالمحاكم الابتدائية ثم بمحاكم الإستئناف ثم بمحكمة النقض ثم بالمحاكم المتخصصة ثم نبين تسلسلها الاداري الذي يختلف عن نظيره لدي قضاة الحكم.

طبيعة النيابة العامة بالمحاكم الابتدائية
تتألف المحاكم الابتدائية حسب ظهير التنظيم القضائي ل 15 يوليوز 1974 من :
- رئيس وقضاة وقضاة نواب .
ـ مصلحة كتابة الضبط .
ـ نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائبه أو عدة نواب
ـ مصلحة كتابة للنيابة العامة
وقد جاء في المادة 39 من ق م ج أن النيابة العامة أمام المحكمة الابتدائية تتكون من وكيل الملك ونائب له أو عدة نواب يخضعون لمراقبته وإشرافه في دائرة نفوذ المحكمة الابتدائية المعين بها ، كما تضم مصلحة يرأسها رئيس مصلحة النيابة العامة وتتكون من موظفين إداريين يقومون بتصريف مختلف إجراءات هذه المؤسسة إلى جانب وكيل الملك ونوابه .
طبيعة النيابة العامة بمحاكم الإستئناف 
يعتبر الوكيل العام للملك رئيسا للنيابة العامة لدى محاكم الإستئناف ويساعده مجموعة من النواب يخضعون الاشرافه ومراقبته ويخلفونه في حالة غيابه . وقد حددت المادة 49 اختصاصات المناطة بالوكيل العام للملك بمحكمة الإستئناف .

طبيعة النيابة العامة لدى محكمة النقض 
يمثلها الوكيل العام للملك و محامون عامون باعتبارهم نوابه ويخضعون لإشرافه ومراقبته ، تتكون محكمة النقض من 6 غرف و حضور النيابة العامة بجميع جلساتها إجباري على خلاف ما هو عليه الأمر بالنيابة العامة لدى المحاكم الابتدائية ومحاكم الإستئناف .

طبيعة النيابة العامة أمام باقي المحاكم 
الاختصاص الأصيل للنيابة العامة هو تحريك الدعوى العمومية ومكافحة الجريمة ، و مكانها الطبيعي هو المحاكم العادية ، لكن المشرع اسند إليها اختصاصات استثنائية ونص على ضرورة تواجدها بمحاكم أخرى غير زجرية لأهداف تتعلق بالدعوى العمومية وقد لا تتعلق بها .

أولا : طبيعة النيابة العامة أمام المحاكم التجارية 
تم اعتمادها بالمحاكم التجارية بموجب المادة 2 من قانون إحداث المحاكم التجارية ، لكن يبقى دورها ثانويا بهذا النوع من المحاكم ولا يرقى إلى مستوى دورها بالمحاكم العادية .

ثانيا : طبيعة النيابة العامة أمام المحاكم الادارية 
لا تعرف المحاكم الادارية في تاليفها أي وجود للنيابة العامة ، ويعتبر رئيس المحكمة الادارية مفوضا ملكيا | للدفاع عن القانون ، ولا يقوم هذا المفوض الملكي مقام النيابة العامة لأن دوره يقتصر فقط على الدفاع عن الحق والقانون من خلال الادلاء بآرائه الشفوية و ملتمساته الكتابية .

ثالثا : طبيعة النيابة العامة أمام المحاكم الاستثنائية 
تتمثل في المحكمة العسكرية والمجلس الأعلى للحسابات ، حيث تضطلع النيابة العامة في هذه المحاكم بأدوار مهمة ، فالوكيل العام للملك لدى المحكمة العسكرية يمثل مندوب الحكومة طبقا للفصلين 23 و 24 من قانون العدل العسكري ، أما بالنسبة للمجلس الأعلى للحسابات فتمثل النيابة العامة بالمحاكم المالية في شخص وكيل الملك الذي يمارس مهام النيابة العامة ويجوز له أن ينوب عنه أحد نوابه بتقديم مستنتجاته وملتمساته على مستوى المجالس الجهوية للحسابات .
مميزات ومبادئ النيابة العامة
نظرا للطبيعة القانونية والادارية لجهاز النيابة العامة التي تتسم بطابع استعجالي وفوري مما جعل هذه المؤسسة تتسم ببعض الخصائص منها ما يتعلق بالنيابة العامة ومنها ما ينصرف لأعضائها وتتمثل في ما يلي :
1- التسلسل الرئاسي 2. النيابة العامة طرف اصلي في الدعوى العمومية 3- وحدة قضاة النيابة العامة 4- استقلالية أعضاء النيابة العامة 5- عدم مسؤولية أعضاء النيابة العامة 6- عدم قابلية تجريح أعضاء النيابة العامة .

كيفية وشكل ممارسة الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة 
الاجراءات المسطرية لا تنتج آثارها إلا إذا مورست بشكل سليم وكما حددها قانون المسطرة الجنائية وابتغاها المشرع.

كيفية ممارسة الدعوى العمومية من طرف وكيل الملك
طرق ممارسة الدعوى العمومية تختلف حسب ما إذا كان الأمر يتعلق بالمخالفات أو الجنح كما أن وكيل الملك أوكل له المشرع مهاما أخرى تتجلى في تلقي الشكايات والوشايات والمحاضر والتقارير .

بالنسبة للمخالفات
عدل المشرع من الطريقة العادية لإقامة الدعوى العمومية في المخالفات المتمثلة في توجيه الاستدعاء في المخالفات إلى تبني مسطرة جديدة تتمثل في :

أولا : السند التنفيذي في المخالفات 
يتم اللجوء إلى هذه المسطرة كلما تعلق الأمر بمخالفة يعاقب عليها القانون بغرامة فقط ، وتكون مثبتة بمقتضی محضر أو تقرير وألا يظهر فيها متضرر أو ضحية ، وتحدد القيمة القانونية للسند التنفيذي في المخالفات أنه عبارة عن اقتراح مكتوب يتم توجيهه من طرف وكيل الملك إلى المخالف يقترح عليه أداء غرامة جزافية مرفقا | برسالة التبليغ وشهادة التسليم .

ثانيا : الاستدعاء للجلسة 
يتم تبليغ السند للتنفيذ مرفقا برسالة التبليغ إلى المخالف أو المسؤول المدني إن اقتضى الحال مرفقا برسالة التبليغ بإحدى الطرق التالية : - رسالة مضمونة مع الاشعار بالاستلام ـ عن طريق عون التبليغ التابع للمحكمة - عن طريق مفوض قضائي عن طريق الجهة الادارية  .
بالنسبة للجنح 
تتخذ مسطرة ممارسة الدعوى العمومية في الجنح طابعا إجرائيا أخرا تختلف تمظهراته حسب الطبيعة القانونية اللجنحة ونوعيتها .
ـ الأمر القضائي في جنح السير
ـ الاستدعاء للجلسة
ـ الإحالة الفورية على الجلسة
ـ الإحالة على قاضي التحقيق

صلاحيات أخرى موكولة لوكيل الملك
هناك مجموعة أخرى من الصلاحيات الموكولة لوكيل الملك ترتبط بممارسة الدعوى العمومية كما نصت على ذلك المادة 40 ، فهو يتلقى المحاضر والشكايات والوشايات ويتخذ بشأنها ما يلزم قانونا ، كما يقوم بنفسه أو من ينوب عنه بالقيام بالاجراءات الضرورية والبحث عن مرتكبي الجرائم وإعطاء تعليمات إلى الضابطة القضائية المختصة قصد القيام بالتحريات والاجراءات اللازمة من ضبط واستماع ووضع تحت الحراسة النظرية وتقديم فوكيل الملك يقوم بإحالة المحاضر والشكايات على غرفة التحقيق أو المحكمة عندما يتخذ قرار توجيه الاتهام أو المتابعة ، كما يمكنه اتخاذ قرار الحفظ المؤقت ويجب أن يكون معللا بينما يمكن للمشتكي التقدم بطلب إخراج الشكاية أو المحضر من الحفظ ما لم يتم سقوط الدعوى العمومية ، وفي حالة اتخاذ قرار الحفظ يجب على وكيل الملك أن يخبر المشتكي أو دفاعه داخل أجل 15 يوما تبتدئ من تاريخ اتخاذ القرار طبقا للمادة 40 .

ـ تلقي الشكايات والوشايات وكيفية تدبيرها
ـ تلقي المحاضر والتقارير
ـ إشعار الوكيل القضائي للمملكة
ـ تسيير ومراقبة الشرطة القضائية
ـ إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه
ـ مسطرة الصلح
ـ سحب جوازات السفر وإغلاق الحدود

إقامة الدعوى العمومية من طرف الوكيل العام للملك 
الوكيل العام خول له المشرع طبقا للمواد 36-49-419 إقامة الدعوى العمومية وممارستها أمام محكمة الإستئناف في الجنايات والجرائم المرتبطة بها أو الجنح والمخالفات غير القابلة للتجزئة عنها .
الإحالة على غرفة الجنايات الابتدائية 
بمجرد توصله بالمساطر المتعلقة بالجرائم التي تدخل في اختصاصه يقرر تحريك الدعوى العمومية بالاحالة على غرفة الجنايات حسب المادة 73 بإحدى طريقتين : . الاحالة الفورية على الجلسة ( الايداع في السجن ) - توجيه استدعاء للجلسة ( المتابعة في حالة سراح ) .

أولا : الاحالة الفورية 
يقصد بها إحالة المتهم على غرفة الجنايات الابتدائية في حالة اعتقال احتياطي

ثانيا : الاستدعاء للجلسة 
لا نتحدث هنا عن اعتقال احتياطي كما هو الحال في الأحالة الفورية على غرفة الجنايات الابتدائية بل نتحدث عن استدعاء للجلسة ويعرض المتهم ويقدم للمحاكمة وهو في حالة سراح مقابل كفالة مالية أو شخصية .

المطالبة بإجراء تحقيق
سنحاول الاحاطة بكيفية و شكل مطالبة الوكيل العام بإجراء تحقيق ومتى يكون التحقيق إجباريا ومتى يكون اختياريا ، فكما هو معلوم أن قاضي التحقيق لا يمكنه المبادرة إلى إجراء التحقيق من تلقاء نفسه لأن القضايا التي تعرض عليه تأتي من أحد طريقين :
ـ تكليفه من طرف الوكيل العام للملك بواسطة ملتمس بإجراء تحقيق
- الادعاء المصحوب بالمطالب المدنية الذي يقدمه المتضرر من الجريمة مباشرة

أولا : التحقيق الاجباري 
تكلفت المادة 83 بتوضيح متى يكون التحقيق إجباريا ومتى يكون اختياريا .
يكون التحقيق إجباريا في الحالات التالية : - في الجنايات المعاقب عليها الإعدام ـ في الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤبد - في الجنايات التي يصل الحد الأقصى لعقوبتها إلى 30 سنة ـ في الجنايات المرتكبة من طرف الاحداث .

ثانيا : التحقيق الاختياري 
يفهم من المادة 83 أن التحقيق يكون اختياريا في غير الجنايات المشار إليها .
هذه الاختيارية مبنية على سلطة تقديرية للوكيل العام للملك فيما إذا كانت القضية جاهزة واستجمعت كافة الادلة الاحالتها إلى غرفة الجنايات أم أنها تحتاج إلى مزيد من البحث والتمحيص وتعميق البحث فيتم إحالتها إلى قاضي التحقيق مع تحديد النقط التي يمكن تسليط الضوء عليها ، فالاحالة على قاضي التحقيق بأن التحقيق الاختياري ليست إجراء شكليا بل هو مؤسس على قناعة راسخة مبنية على هاجس الوصول إلى الحقيقة ولا داعي لاغراق القاضي بالقضايا الواضحة والمستكملة لعناصرها .
صلاحيات أخرى موكولة للوكيل العام للملك 
هي طبعا صلاحيات متعلقة بممارسة الدعوى العمومية .

أولا : إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه 
وذلك على غرار وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية ، فالوكيل العام يملك حق إرجاع الحالة إلى كانت عليه و رد الأشياء المحجوزة وفق مجموعة من الاجراءات خصوصا في دعاوى الحيازة لما للعقار من أهمية وارتباط بالانسان .

ثانيا : سحب جوازات السفر و إغلاق الحدود 
على غرار وكيل الملك طبقا للمادة 49 حيث يتم تنفيذ هذا الاجراء عن طريق توجيه تعليمات إلى القوة | العمومية .

ثالثا : التقاط المكالمات الهاتفية بوسائل الاتصال عن بعد 
خول له المشرع التقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات الموجهة برسائل الاتصال عن بعد إما بناء على إذن مسبق من رئيس محكمة الإستئناف وفي حالة الاستعجال يبادر إلى ذلك مع إحاطة الرئيس الأول علما بشأنها .

استثناءات إقامة الدعوى العمومية والقيود التي ترد عليها 
المشرع خول بصفة استثنائية بعض الأشخاص إثارة الدعوى العمومية ضمن شروط و شكليات قانونية معينة ومساطر خاصة ، وإذا كان الأصل هو إثارة الدعوى العمومية وقمع مرتكبي الجريمة تحقيقا للردع العام والخاص فإن ثمة قيود ترد على هذا الأصل وتحد منه وبعضها يحول دون إقامة الدعوى العمومية بشكل دائم ومؤبد .

جهات استثنائية خول لها المشرع حق إقامة الدعوى العمومية 
حدد المشرع جهات خولها حق إقامة الدعوى العمومية وتتنوع بين جهات قضائية وأخرى إدارية ، المادة 3 " يقيم الدعوى العمومية ويمارسها قضاة النيابة العامة كما يمكن أن يقيمها الموظفون المكلفون بذلك قانونا ، يمكن أن يقيمها الطرف المتضرر طبقا للشروط المحددة في هذا القانون "

جهات غير قضائية 
نظرا لطبيعة بعض الجرائم التي تتميز بالخصوصية فقد اسند المشرع اختصاص تحريك الدعوى العمومية بشأنها إلى جهات إدارية نطمت إجراءاتها قوانین خاصة تتلخص في الفقرات الموالية .
المتضرر 
من خلال المواد 3 و 92 و 348 منح المشرع للمتضرر من الجريمة الحق في إثارة الدعوى العمومية بشكاية مباشرة مصحوبة بالادعاء المدني أمام المحكمة الزجرية أو قاضي التحقيق ، وهذا الحق هو عام وشامل لكافة الجرائم .

الموظفون ذوو الصفة الضبطية 
وهو ما جاء في المادة 384 حيث نصت على أن الدعوى العمومية ترفع إلى المحكمة الابتدائية باستدعاء يسلمه أحد أعوان الادارة المأذون له بذلك قانونا ، إذا كان هناك نص خاص يسمح لهذه الادارة بذلك ، تتعدد هذه الجهات الادارية التي خول لها المشرع هذا الحق ، من بينها إدارة المياه والغابات ومصالح التعمير التابعة للمقاطعات و الجماعات الحضرية والقروية وأقسام الشؤون الاقتصادية التابعة للعمالات التي تضطلع بمراقبة الاسعار والمنافسة ومديرية المجازر التابعة للعمالات.

الجهات القضائية
تتوزع هذه الجهات عموما بين قضاة التحقيق والغرفة الجنحية والغرفة الجنائية بمحكمة النقض والرؤساء الأولون بمحاكم الإستئناف ثم محاكم الحكم .

قاضي التحقيق 
تتكلل تحقيقات قاضي التحقيق بمجموعة من الأوامر التي تنهي التحقيق وهي :
. الأمر بالإحالة على المحكمة
. أو الأمر بعدم المتابعة
. أو الأمر بعدم الاختصاص

إذن الإحالة على المحكمة تعني تحريك الدعوى العمومية ، ومتابعة المتهم أمام الجهة القضائية المختصة بعد ترجيح قاضي التحقيق أسباب الادانة وتمحيص الادلة ، لكن نميز بين الإحالة من طرف قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية وقاضي التحقيق لدى محكمة الإستئناف .
الغرفة الجنحية
تتكون الغرفة الجنحية من الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف أو من ينوب عنه ومن مستشارين اثنين والوكيل العام للملك أو أحد نوابه ثم من كاتب ضبط ، هذه الغرفة هي هيئة جماعية لمحكمة الإستئناف حددا اختصاصاتها المادة 231 من ق م ج .

الغرفة الجنائية بمحكمة النقض
خلافا للدور الأساسي لمحكمة النقض باعتبارها محكمة قانون ، فالمادة 265 تعطي الحق للغرفة الجنحية بمحكمة النقض بناء على ملتمسات الوكيل العام للملك بنفس المحكمة بأن يجري تحقيق في حالة كان الفعل منسوبا إلى مستشار الجلالة الملك أو عضو من أعضاء الحكومة أو كاتب دولة أو قاض بمحكمة النقض أو بالمجلس الأعلى للحسابات أو عضو في المجلس الدستوري أو والي أو عامل أو رئيس محكمة استيناف أو متخصصة أو عادية أو وكيل عام للملك ، هؤلاء الأشخاص تطبق فيهم قواعد الاختصاص الاستثنائي عند ارتكابهم أفعالا معاقبا عليها قانونا سواء أثناء مزاولة مهامهم أو خارجها ، نشير إلى أن هذه القضايا لا تقبل معها المطالبة بالحق المدني .

الرؤساء الأولون لمحاكم الإستئناف 
الحالة الاولى : إذا كان الفعل الجرمي منسوبا إلى قاض بمحكمة الإستئناف أو رئيس المحكمة الابتدائية أو رئيس محكمة متخصصة أو وكيل الملك بها أو قاض بالمجلس الجهوي للحسابات .

الحالة الثانية : عندما يكون الفعل الجرمي منسوبا إلى قاضي بمحكمة ابتدائية أو متخصصة يقوم الوكيل العام بإحالة القضية إلى الرئيس الأول لنفس المحكمة ، هذا الأخير يقرر ما إذا كان الأمر يقتضي إجراء بحث ثم تطبق نفس مقتضيات الحالة الأولى للبحث والمتابعة والاحالة والمطالبة بالحق المدني .

الحالة الثالثة : إذا كان الفعل الجرمي منسوبا إلى باشا أو خليفة أو عامل أو رئيس دائرة أو قائد أو بضابط شرطة قضائية فالوكيل العام يقرر ما إذا كان الأمر يقتضي إجراء تحقيق وفي حالة الايداب يعين مستشارا للتحقيق فإذا تعلق الأمر بجناية فالمستشار المكلف بالتحقيق يصدر أمرا بالاحالة إلى غرفة الجنايات أما إذا تعلق بجنحة فيحيل القضية إلى محكمة ابتدائية غير التي يزاول فيها المتهم مهامه بدائرتها .
محاكم الحكم 
هذه الصلاحية بيد النيابة العامة في الجنايات والجنح التي ترتكب خلال جلسات المحاكمة بناء على المحاضر التي تكون هيئة الحكم قد حررتها والمتضمنة للوقائع المنسوبة للمتهم الذي يتم إحالته من قبل المحكمة بالقوة العمومية على النيابة العامة ، ويكون الحكم الصادر في هذا النوع من الجرائم نهائيا ولا يمكن الطعن فيه باي وسيلة من وسائل الطعن .

موانع إقامة الدعوى العمومية واسباب سقوطها
الأصل أن يتم الضرب على يد مرتكب الجريمة لكن هناك حالات يمنع حق إقامة الدعوى العمومية منذ الاصل وحالات أخرى بعد ارتكاب الجريمة وقبل اقامة الدعوى العمومية أو بعد اقامتها حيث يترتب عن توفر مانع من الموانع سقوط الدعوى العمومية .

قيود إقامة الدعوى العمومية 
سلطة إقامة الدعوى العمومية للنيابة العامة ليست سلطة مطلقة بل مقيدة بقيود تحد من نفوذها ، هذه القيود تتعلق ببعض الاشخاص الذين يتمتعون بالحصانة القضائية " الملك ، البرلمانيون ، الدبلوماسيون المعتمدون بالمغرب وأخيرا الاختصاص واشتراط الكتابة ، وأهم ما يميز هذه القيود أن الثلاثة الأولى تتسم بطابع الديمومة بينما الرابعة قيد خاص .

شخص الملك 
يتمتع الملك بالحصانة القضائية في لا يمكن الوكيل الملك أن يتابعه وهو مقتضی دستوري تم تكريسه في دستور 2011 في الفصل 46 على غرار باقي الدساتير السابقة .

أعضاء البرلمان 
نصت على ذلك المادة 64 من دستور 2011 "لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان ولا البحث عنه ولا إلقاء القبض ولا اعتقاله ولا محاكمته بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولة مهامه ما عدا اذا كان الرأي يناقش النظام الملكي أو يخل بالاحترام للملك أو الدين الاسلامي .
البعثات الدبلوماسية
التزم المغرب بعدة اتفقيات دولية تعطي حصانة للممثلين الدبلوماسيين مما يجعل القضاء المغربي ملزما بمراعاة قواعد الحصانة القضائية لهؤلاء الأشخاص ، وتتمثل البعثات الدبلوماسية في رؤساء الدول الأجنبية والمعتمدون الدبلوماسيون وافراد عائلتهم وممثلو الهيئات الدولية والقوات العسكرية الأجنبية المرخص لها في المغرب ، فإذا ارتكب أحد هؤلاء الأشخاص جريمة في المغرب فالحكومة المغربية تطلب من دولته سحب بعثتها واعتباره شخصا غير مرغوب به لأنه انتهك حرمة القانون الوطني للدولة . وقد رتب المشرع آثار قانونية على كل ضابط شرطة قضائية لم يتقيد بهذه المقتضيات حسب الفصل 229 بمعاقبته بالتجريد من الحقوق الوطنية .

الاختصاص واشتراط الكتابة أو الطلب 
يقيد سلطة النيابة العامة في إقامة الدعوى العمومية توفر شرط الاختصاص أي اختصاصها في إعمال سلطة الملاءمة في الجرائم المعروضة عليها كما لا يمكنها تحريك الدعوى العمومية في بعض الجرائم إلا بناء على تقديم شكاية أو طلب في الموضوع.
ـ الاختصاص  ـ الشكاية  ـ الطلب .

أسباب سقوط الدعوى العمومية 
حددتها المادة 4 من قانون المسطرة الجنائية فيما يلي : - موت الشخص ـ التقادم ـ  العفو الشامل ـ العفو الخاص ـ  نسخ المقتضيات الجنائية التي تجرم الفعل - ضرورة صدور مقرر اكتسب قوة الشيء المقضي به ـ  الصلح عندما ينص عليه القانون صراحة ـ التنازل عن الشكاية إذا كانت شرطا ضروريا للمتابعة ما لم ينص القانون على خلافه .

التحقيق الاعدادي 

نص قانون المسطرة الجنائية على ثنائية التحقيق بمحاكم الإستئناف و المحاكم الابتدائية سعيا منه إلى توطيد حقوق الانسان وبناء دولة الحق والقانون ، هكذا تم تقوية سلطات العدالة الجنائية ضمانا لشروط المحاكمة العادلة وحقوق الانسان ، فقاضي التحقيق يتبوأ مكانة مهمة و مركزية في الدعوى العمومية ، بما يقوم به من إجراءات تنصب على تمحيص وسائل الاثبات والبحث عن الحقيقة في إطلاقها وجمع المعطيات والمعلومات حول الجريمة في استقلالية تامة عن جميع المتدخلين في الدعوى العمومية كالنيابة العامة والمحكمة ، و قاضي التحقيق كما رأينا هو ضابط سامي للشرطة القضائية ويتم اختياره بعناية من أكفأ القضاة .
التحقيق الاعدادي يختلف عن البحث التمهيدي ، سواء من حيث الجهة التي تقوم به او من حيث الضمانات المقررة له ، فهو مرحلة قضائية وليس بوليسية ، وهو يتوسط البحث التمهيدي الذي تقوم به الشرطة القضائية والتحقيق النهائي الذي تختص به المحكمة في الجلسات ، وقد تم اعتماد التحقيق الاعدادي للحالات التي تستوجب مزيدا من الفحص والتنقيب يستعصي القيام بها خلال التحقيق النهائي في جلساته العلنية .

الطبيعة القانونية للتحقيق الاعدادي 
المشرع المغربي لم يقم بتعريف التحقيق الاعدادي لذلك يخلط البعض بين البحث التمهيدي والتحقيق الاعدادي والواقع أن هذا الأخير له نظام قانوني وإجرائي متميز ضمنه المشرع في المواد 83 الى 250 ، فهو مرحلة قضائية تتوسط البحث التمهيدي والمحاكمة وتنصب على الجنايات والجنح على حد سواء ويهدف إلى تمحيص الأدلة والتثبت من وقوع الجرائم عن طريق مجموعة من الاجراءات .

جهات التحقيق الإعدادي واستقلاليته 
التحقيق الاعدادي يقوم به قاض من قضاة الحكم المعينين بمحاكم الإستئناف والمحاكم الابتدائية ، وهو يمثل السلطة الثالثة في التحري بعد النيابة العامة والشرطة القضائية .

الجهات المكلفة بالتحقيق الاعدادي
قاضي التحقيق هو الطرف الأصيل في القيام بمهام التحقيق لأنه المكلف أساسا بالتحقيق الاعدادي ، لكن تتداخل معه بعض الجهات الأخرى إما باعتبارها تمارس نوعا من الرقابة على إجراءات و أوامر قضاة التحقيق كالغرفة الجنحية بمحكمة الإستئناف وإما في إطار الانابة القضائية حين يعهد إلى ضباط الشرطة القضائية القيام بمهمام التحقيق في إطار مسطرة خاصة ، كذلك الأمر عندما تكلف بعض الجهات استثناء القيام ببعض اجراءات التحقيق بمقتضى نص خاص مثل الغرفة الجنائية بمحكمة النقض .

الجهات الأصلية للتحقيق الاعدادي
حددها المشرع في قاضي التحقيق والغرفة الجنحية للتحقيق بمحكمة الإستئناف
أولا : قاضي التحقيق 
ق م ج ل 2003 أحدث مؤسسة قضاة التحقيق بالمحاكم الابتدائية بعد أن كانت مقتصرة على محاكم الإستئناف ، ويتم تعيين قضاة التحقيق سواء بالمحاكم الابتدائية أو محاكم الإستئناف بقرار لوزير العدل والحريات لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد ، بناء على اقتراح من طرف الرئيس الأول المحاكم الإستئناف ورئيس المحكمة الابتدائية بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى .

ثانيا : الغرفة الجنحية 
هي الدرجة الثانية من درجات التحقيق الاعدادي وهي مختصة حسب المادة 231 بالنظر في :
- طلبات الافراج المؤقت المقدمة إليها مباشرة وكذا تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية .
- طلبات بطلان إجراءات التحقيق
ـ الاستئنافات المرفوعة ضد أوامر قاضي التحقيق
- كل إخلال منسوب لضابط الشرطة القضائية خلال مزاولته لمهامه

الجهات الاستثنائية
اسند إليها المشرع القيام بإجراءات التحقيق استثناء وضمن شروط شكلية خاصة وهي :
- الغرفة الجنائية بمحكمة النقض
- ضباط الشرطة القضائية وقضاة الحكم

أولا : الغرفة الجنائية بمحكمة النقض 
تقوم بإجراءات التحقيق في حق الأشخاص الذين ذكرتهم المادة 265 " اذا كان الفعل منسوبا إلى مستشار لجلالة الملك أو عضو من أعضاء الحكومة أو كاتب دولة أو نائب كاتب دولة مع مراعاة مقتضيات الباب الثامن من الدستور أو قاض بمحكمة النقض أو بالمجلس الأعلى للحسابات أو عضو في المجلس الدستوري أو إلى والي أو عامل أو رئيس أول لمحكمة استئناف عادية أو متخصصة أو وكيل عام للملك لديها فإن الغرفة الجنحية بمحكمة النقض تأمر بناء على ملتمسات الوكيل العام للملك بنفس المحكمة بأن يجري التحقيق في القضية عضوا أو عدة أعضاء من هيئتها .

ثانيا : ضباط الشرطة القضائية وقضاة الحكم ( الانابة القضائية ) 
حيث منح المشرع لقاضي التحقيق حق انتداب أي قاضي آخر للقيام بأحد إجراءات التحقيق من قضاة الحكم أو ضابط من ضباط الشرطة القضائية للقيام بإجراء ما يراه لازما من أعمال التحقيق بواسطة الانابة القضائية ، هذه الانابة القضائية تسهل عمل قاضي التحقيق خصوصا عندما يتعلق الأمر بالاستماع إلى أقوال شخص يتواجد خارج دائرة نفوذه الترابي ، لكن ما يهمنا بخصوص موضوع الانابة القضائية هو إدخال جهات أخرى غير أصلية للقيام بإجراءات التحقيق الاعدادي وتتمثل في قضاة الحكم وضباط الشرطة القضائية ، فهؤلاء قد يحلون محل قاضي التحقيق في بعض الاختصاصات والتي يجب أن يتقيدوا بها .
استقلالية التحقيق الاعدادي 
هو قبل كل شيء مقتضی دستوري نصت عليه الفصول ما بين 107-116 .

أولا : مبادئ استقلال القضاء 
الفصل 107 من الدستور " السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية . الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية "

ثانيا : أبعاد استقلالية السلطة القضائية 
و تتجلى في المفهوم الجديد لاصلاح القضاء " القضاء في خدمة المواطن " هكذا أضحت المحاكم مطالبة بتقديم خدمات بكل جودة للمواطنين .

استقلالية قاضي التحقيق 
کرس المشرع هذه الاستقلالية على مجموعة من المستويات تتمثل في ما يلي :
ـ استقلال قاضي التحقيق عن النيابة العامة
ـ استقلال قاض التحقيق عن المحكمة
ـ استقلال قاضي التحقيق عن الأطراف

أولا : استقلال قاضي التحقيق عن النيابة العامة 
خص المشرع النيابة العامة بحق المتابعة وإعمال سلطة الملاءمة ، في حين أوكل مهمة التحقيق لجهة أخرى ، وبمجرد إحالة القضية على قاضي التحقيق بواسطة ملتمس النيابة العامة أو مباشرة من طرف المطالب بالحق المدني فإن القاضي ينهض بالتحقيق .

ثانيا : استقلال قاضي التحقيق عن هيئة الحكم 
قاضي التحقيق يبحث عن أي دليل ولا يهمه إن كان قاطعا في إدانة المتهم أم لا، فقضاء التحقيق يختلف عن قضاء الحكم ، كونه لا يملك سلطة الترجيح بين الأدلة ولا يمكنه رد أي دليل بحجة عدم اقتناعه به بل قضاء الحكم هو الذي يملك سلطة الترجيح بين الأدلة ولا يأخذ منها إلا ما كان قاطعا واقتنع بحجيته ويرد ما لم يقتنع به

ثالثا : استقلال قاضي التحقيق عن الاطراف 
فتكون قراراته مستقلة عن أطراف النزاع وجميع الإجراءات التي يتخذها تكون وفق أحكام وقواعد القانون تحت إشراف النيابة العامة ومراقبة الغرفة الجنحية بمحكمة الإستئناف ، فقاضي التحقيق دائما مقيد بالنصوص القانونية وأخلاقيات المهنة وضميره ولا ينحاز إلى أي طرف.
خصائص و نطاق التحقيق الاعدادي
خصائص التحقيق الإعدادي

خصائص مرتبطة بشخص التحقيق
أي شخصية القاضي الذي ينتمي إلى الجهاز القضائي وما يفرضه ذلك من ضرورة التزام القاضي الحياد والتجرد والاستقلالية .

أولا : الخاصية القضائية
فالقاضي يخضع لمراقبة الغرفة الجنحية بمحكمة الإستئناف وهي نوع من الرقابة القضائية على أوامر وإجراءات قضاة التحقيق كلما جانبت الصواب أو خرقت القانون. وهذه الغرفة يترأسها الرئيس الأول لدى محكمة الإستئناف ومستشارين اثنين وممثل النيابة العامة وكاتب الضبط وتمثل درجة ثانية من درجات التحقيق وأعضاؤها ينتمون إلى الجهاز القضائي.

ثانيا : خاصية الاستقلالية
فقاضي التحقيق يحتل موقعا هاما ومرحلة متقدمة في البحث والتحري يكون متصفا بالتجربة والدراية وقوة الشخصية و فطنة واستقلالية اكتسبها عن طول ممارسة في ردهات المحاكم.

خصائص مرتبطة بموضوع التحقيق 
يستمدها من خلال موضوعاته ومجال اختصاصه حيث تطبع إجراءاته بطابع خاص

أولا : الخاصية التفتيشية 
الطابع التفتيشي أحد السمات الاساسية للتحقيق الاعدادي ويتضح ذلك من خلال 3 نقط :
ـ سرية التحقيق الاعدادي
ـ توثيق إجراءات وعمليات التحقيق الاعدادي
ـ عدم الحضور في التحقيق
ثانيا : خاصية العينية 
حدد المشرع الجرائم التي يمكن إجراء التحقيق الاعدادي بشأنها ، فالتحقيق قد يكون اختياريا أو إجباريا بالاحالة من طرف النيابة العامة أو عن طريق شكاية يتقدم بها المتضرر مباشرة إلى قاضي التحقيق ، وهذا الأخير مقيد بالافعال المعروضة عليه ولا يتعداها إلى غيرها ، فخاصية العينية تنصرف إلى الأفعال فقط في حين لا يتقيد قاضي التحقيق بالأشخاص المحالين عليه إذن يمكنه التحقيق مع غيرهم .

مجال التحقيق الاعدادي 
يتحدد مجال التحقيق الاعدادي من خلال صنف الجرائم التي تخضع للتحقيق مع التمييز بين الجنايات والجنح التي تخضع للتحقيق وجوبا وبين التي يطالها التحقيق اختيارا .

التحقيق الاجباری 
- الجنايات المعاقب عليها بالاعدام
- الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤبد
- الجنايات التي يصل الحد الأقصى للعقوبة لها 30 سنة
ـ الجنايات المرتكبة من طرف الاحداث
- الجنح بنص خاص كما هو الشأن لحوادث السير المميتة

أولا : التحقيق الاجباري في الجنايات
حددت المادة 83 الافعال التي يكون فيها التحقيق إجباريا
- الجنايات المعاقب عليها بالاعدام
- الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤبد
- الجنايات التي يصل الحد الأقصى للعقوبة لها 30 سنة
ـ الجنايات المرتكبة من طرف الأحداث

التحقيق الاجباري في الجنح
على غرار الجنايات ميز المشرع في مجال الافعال الخاضعة للتحقيق في الجنح بين نوعين من الجرائم ، الجنح التي يكون فيها التحقيق إجباريا ثم التي يكون فيها اختياريا .
التحقيق الاختياري 
ويكون بغرض توسيع دائرة التحقيق الاعدادي بغية تكييف الأفعال الإجرامية وفق مسطرة قانونية تكرس حقوق الدفاع وتضمن شروط المحاكمة العادلة .

أولا : التحقيق الاختياري في الجنايات
بمفهوم المخالفة ، فالتحقيق الاختياري يكون في الجرائم غير الواردة في المادة 83 التي حددت الجرائم التي يعتبر التحقيق فيها إلزاميا ، لكن المشرع لم يرتب أي أثر قانوني في حالة عدم إحالة القضية على غرفة التحقيق هكذا تتخذ النيابة العامة لدى محكمة الإستئناف قرار الإحالة على غرفة التحقيق اختياريا في هذا النوع من الجنايات.

ثانيا : التحقيق الاختياري في الجنح 
التحقيق في الجنح غالبا ما يكون اختياريا ما عدا الجنح المترتبة عن حوادث السير المميتة .

الاجراءات التمهيدية للتحقيق الاعدادي 
حدد المشرع مجموعة من الشكليات القانونية التي تنظم طرق وكيفية اتصال قاضي التحقيق بالقضية معلنا بذلك عن انطلاق عملية التحقيق الإعدادي وانطلاقة مجموعة من الاجراءات بعضها منصب على جمع الأدلة والبعض الاخر منصب على شخص المتهم باتخاذ جملة من التدابير .

إجراءات المطالبة بالتحقيق الاعدادي 
لا يمكن لقاضي التحقيق أن يضع يده على القضية الا بملتمس كتابي من النيابة العامة أو بشكاية مباشرة من المتضرر

المطالبة بتحقيق إعدادي من طرف النيابة العامة
للنيابة أدوار عديدة في إطار تدبير إجراءات الدعوى العمومية من بينها ملتمس إجراء تحقيق إعدادي .

ملتمس النيابة العامة الإجباري لإجراء تحقيق إعدادي 
القضايا المذكورة في المادة 83 تحيلها النيابة العامة مباشرة على التحقيق الاعدادي
أولا : التحقيق الاجباري بناء على ملتمس النيابة العامة في الجنايات
بالنسبة للرشداء يكون التحقيق واجبا وإجباريا في حالتين :
ـ إذا كانت الأفعال المرتكبة تشكل جناية معاقب عليها بالاعدام أو بالسجن المؤبد أو الحد الأقصى المقرر هو 30 سنة ولو تم ضبط الفاعل في حالة تلبس.
ـ إذا كانت الجناية معاقب عليها بغير هذه العقوبات ولم يتم ضبط الفاعل في حالة تلبس ، أي أن الوكيل العام إذا ظهر له أن القضية جاهزة للحكم أصدر أمرا بوضع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي وإحالته على غرفة الجنايات وإذا ظهر له أن القضية غير جاهزة للحكم التمس إجراء تحقيق إعدادي فيها ، أما الأحداث فالمشرع ألزم إجراء تحقيق إعدادي في كل جناية مرتكبة بغض النظر عن العقوبة المقررة لها .

ثانيا : التحقيق الاجباري في الجنح
استنادا للمادة 83 يكون التحقيق إلزاميا في الجنح بمقتضى نص خاص وكذا حوادث السير المميتة .

ملتمس النيابة العامة الاختياري لإجراء تحقيق إعدادی
يكون اختياريا في الجنايات فيما عدا التي وقفنا عليها أما في الجنح فهي المرتكبة من قبل الأحداث أو تلك التي ارتكبت من طرف رشداء وكان الحد الأقصى للعقوبة يوازي 5 سنوات فما فوق .

المطالبة بإجراء تحقيق من طرف المتضرر 
مسطرة المطالبة بالتحقيق من المتضرر 
يحق لكل شخص تضرر من جريمة أن يلجأ مباشرة إلى قاضي التحقيق ويقوم بتسجيل شكايته يلتمس بموجبها إجراء تحقيق في مواجهة شخص معين أو مجهول وفق شروط وإجراءات محددة .
أولا : كيفيية المطالبة بالتحقيق من المتضرر في الجنايات
المواد من 92-98 تنظم ذلك ، فيمكن للمتضرر تقديم شكاية إلى قاضي التحقيق ثم يؤدي المبلغ الذي يحدده هذا الأخير كمصاريف الدعوى مع احترام شروط شكلية .

ثانيا : إجراء التحقيق في الجنح بناء على شكاية المتضرر 
مسطرة إجراء تحقيق في الجنح لا تختلف عن نظيرتها في الجنايات بمحاكم الإستئناف .

موانع إقامة الدعوى العمومية من طرف المتضرر
لا يمكن لقاضي التحقيق إجراء تحقيق في حالة عدم تنصيص القانون لأن هناك شروط وحالات تغل يد المشتكي في المطالبة بإجراء تحقيق .

أولا : موانع المطالبة بالتحقيق من طرف المتضرر 
ـ الجرائم التي يعود الاختصاص فيها إلى المحاكم العسكرية
ـ الجرائم المنسوبة إلى أعضاء الحكومة وبعض كبار موظفي الدولة التي يعود فيها الاختصاص إلى محكمة النقض
ـ الجرائم المنسوبة لبعض قضاة و موظفي الدولة التي تخضع لقواعد الاختصاص الاستثنائية
ـ بعض الجرائم المرتكبة خارج أرض الوطن حيث أناطها المشرع للنيابة العامة
ـ الجرائم التي يرتكبها الأحداث

ثانيا : حماية الضحية المشتكي من طرف قاضي التحقيق 
أحدث المشرع قانون 37 / 10 القاضي يتغيير وتتميم القانون رقم 22 / 01 المتعلق بالمسطرة الجنائية في شأن حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين فيما يخص جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ وغيرها ، هكذا يقوم قاضي التحقيق بتخاذ كافة التدابير من أجل تأمين سلامة الضحية وافراد اسرته وممتلكاته من كل ضرر يلحقه جراء تقديم شكايته

الاجراءات الأولية للتحقيق الاعدادي 
حيث تبدأ مجموعة من الاجراءات الدقيقة والصارمة نظم المشرع أحكامها وأجالها وكيفية تصريفه ورتب عليها مجموعة من الآثار والجزاءات القانونية .

إجراءات تتعلق بالاشخاص 
تنصب على المتهم باعتباره جوهر القضية .
البحث الاجتماعي
بموجب المادة 87 يقوم قاضي التحقيق بإجراء بحث اجتماعي حول المتهم للالمام بظروفه الاجتماعية ويكون هذا البحث اختياريا في الجنح أما الأحداث فقد أولى لهم المشرع أهمية بالغة في هذه المرحلة من أجل انتشالهم من عالم الجريمة وإعادة إدماجهم في المجتمع .

الفحص الطبي 
وفقا للمادة 88 التي سمحت لقاضي التحقيق إجراء هذا الفحص كما يمكن له بعد رأي النيابة العامة معالجته من التسمم الناتج عن تعاطي الكحوليات والمخدرات ، شريطة أن يتم العلاج داخل المؤسسة السجنية أو مؤسسة متخصصة حسب الشروط المنصوص عليها قانونا .

إجراءات تنصب على الأشياء
التنقل والتفتيش والحجز 
وتجري وفق إجراءات شكلية رتب عليها المشرع مجموعة من الاثار القانونية

أولا : إجراءات التنقل 
وهو إجراء يخضع لتقدير قاضي التحقيق ويمارسه طبقا للمادة 99 والانتقال يقتضي تنقل قاضي التحقيق رفقة كاتب الضبط إلى أي مكان لإجراء معاينته قصد الوصول إلى الحقيقة .

ثانيا : إجراءات التفتيش والحجز 
غالبا ما يترتب على الانتقال عمليات المعاينة والتفتيش والحجز وكلها وسائل منحها المشرع لقاضي التحقيق في طريق بحثه عن الحقيقة

التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد 
نظمت ذلك المواد من 108 الى 116 وهي مستجدات جاء بها قانون المسطرة الجنائية الجديد واعتبرها طريقة للاستدلال ووسيلة للحصول على قرائن وأدلة لادانة المتهم ، وقد منحت هذه الامكانية القاضي التحقيق و الوكيل العام للملك مع هامش اوسع لقاضي التحقيق شريطة إصدار الأمر كتابة و تضمين الأمر جميع العناصر بالمكالمات المراد التقاطها ثم تحديد الجريمة التي تبرر هذا الاجراء.
أوامر قاضي التحقيق 
يقوم قاضي التحقيق بتصريف اشغاله عن طريق اصدار مجموعة من الأوامر تتعلق بالأشخاص وبعضها | بالاشياء ، لكنها تبقى قابلة للطعن أمام الغرفة الجنحية لمحكمة الإستئناف .

إجراءات وأوامر التحقيق المتعلقة بالاشخاص والاشياء 
الإجراءات والأوامر المتعلقة بالاشخاص
نعني بالاشخاص مختلف الأطراف المتدخلة في التحقيق الاعدادي من متهم و متضرر وشهود حيث يخضع كل واحد منهم لمسطرة خاصة أمام قاضي التحقيق . 

إجراءات استنطاق المتهم 
بمجرد استقبال المتهم من طرف القاضي تبدأ مجموعة من الاجراءات استنطاق المتهم هو من أهم مراحل التحقيق الاعدادي لأنها تشهد مواجهة المتهم بالتهم المنسوبة إليه وما قد يتبع ذلك من إجراء مواجهة بينه وبين المشتكي وقد نظم المشرع إجراءات استنطاق المتهم ومقابلته ضمن الباب 7 من القسم 3 من ق م ج ، حيث تتمثل مرحلة الاستنطاق في 3 مراحل : مرحلة الاستنطاق الابتدائي ، مرحلة الاستنطاق التفصيلي ، مرحلة مواجهة المتهم مع الغير . 

إجراءات الاستماع الى المطالب بالحق المدني 
وهو المتضرر من الجريمة مباشرة ويتم الاستماع إليه من طرف قاضي التحقيق على انفراد ثم إشعار محاميه ووضع ملف القضية أمامه کاملا بيوم قبل التحقيق على الأقل و قبل الاستنطاق بيومين كاملين على الأقل برسالة مضمونة أو باشعار يسلم إليه مقابل وصل .

الاستماع إلى الشهود واجراء خبرة
أولا : شهادة الشهود
ثانيا : قانون حماية الشهود
ثالثا : الخبرة 
رابعا : المواجهة 

الأوامر المتعلقة بالاشخاص 
من أجل التحكم في إجراءات وآماد التحقيق الاعدادي خول المشرع لقاضي التحقيق مجموعة من الاجراءات .

أوامر المثول أمام قاضي التحقيق 
لكنها مقيدة كونها تمس بحرية الشخص وتحكم اللجوء إليها خطورة الفعل والمتهم 
ـ الأمر بالحضور  ـ الأمر بالاحضار  ـ الأمر بإلقاء القبض 
أوامر احترازية للتحقيق 
أولا : الوضع تحت المراقبة القضائية
عالجها المشرع في المواد 159 الى 174 وهو تدبير استثنائي يعمل به في الجنايات والجنح المعاقب عليها | بعقوبة سالبة للحرية ، ويمكن لقاضي التحقيق اتخاذ هذا التدبير في أي مرحلة من مراحل التحقيق شريطة أن لا تتجاوز مدته شهرين قابلة للتجديد 5 مرات .

ثانيا : الاعتقال الاحتياطي
نظمت ذلك المواد من 175 الى 188 ، كذلك هو تدبير يعمل به في الجنايات والجنح السالبة للحرية مع احترام المدد التي حددها المشرع في شهر واحد للجنح قابلة للتمديد مرتين ولنفس المدة و شهرين في الجنايات قابلة للتمديد 5 مرات ولنفس المدة . 

ثالثا : الانابة القضائية 
وهي بمثابة تفويض قانوني من طرف قاضي التحقيق الأصلي إلى قاض أخر أو ضابط شرطة قضائية يخوله إحدى صلاحياته ليقوم مقامه بعمل من أعمال التحقيق . 

الأوامر المتعلقة بسير وانتهاء التحقيق 
عدم الاختصاص - عدم المتابعة - الإحالة على المحكمة 

الأوامر الخاصة بالسحب
ينصب السحب على مجموعة من الوثائق التي تقيد حرية المتهم وبالتالي إبقائه رهن إشارة قاضي التحقيق ، نعني بذلك سحب جواز السفر واغلاق الحدود وسحب وثائق أخرى .

سحب الوثائق
اولا : سحب جواز السفر وإغلاق الحدود 
تجنبا لفرار المتهم ومغادرته البلاد أما إغلاق الحدود لأن بعض الاشخاص يتوفرون على جوازين للسفر جواز سفر بالبلد الذي ينتمي اليه وجواز سفر بالبلد المقيم به وبالتالي سحب جواز السفر الوطني لا يحول دون استخدام الجواز السفر الثاني . 

ثانيا : الأمر بسحب بعض الوثائق الأخرى 
سحب رخصة السياقة 
الأوامر الخاصة بالارجاع 
يتعلق الأمر بإرجاع حيازة العقارات المغتصبة أو المترامي عليها بعد الحكم والتفيذ وكذا رد الأشياء المحجوزة إلى أصحابها متى لم تكن لازمة لسير الدعوى . 

أولا : الأمر بإرجاع الحيازة
وفقا للمادة 142 " وله أي "قاضي التحقيق" متى قامت دلائل كافية على جدية الاتهام في جرائم الاعتداءات على الحيازة أن يأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه " 

ثانيا : الأمر برد الاشياء
طبقا للمادة 142 يتم رد الاشياء التي تم ضبطها خلال التحقيق لمن له الحق فيها بشرط :
- عدم وجود منازعة جدية - ما لم تكن لازمة لسير الدعوى - ما لم تكن خطيرة - ألا تكون محلا للمصادرة

ثالثا : الأمر ببيع المحجوزات 
تخضع للبيع في المزاد العلني تحت اشراف قاضي التحقيق ويتم ايداع المبالغ في صندوق الإيداع والتدبير إلى حین مطالبتها من طرف ذوي الحقوق خوفا من فسادها أو تلفها كالخضر والفواكه .

الأوامر القضائية بانتهاء التحقيق 
عندما يقرر قاضي التحقيق انتهاء التحقيق يقوم بتوجيه الملف بجميع أوراقه بعد ترقيمها من طرف كاتب الضبط إلى النيابة العامة قصد إطلاعها عليه ووضع ملتمساتها داخل أجل 8 أيام على الأكثر من تاريخ توصلها بالملف ، ولا يمكن إصدار الأوامر بانتهاء التحقيق إلا بعد التوصل بملتمسات النيابة العامة ثم يوجه قاضي التحقيق إلى المتهم أو محاميه أو المطالب بالحق المدني رسالة إشعار بهذا الأمر خلال 24 ساعة من أمر انتهاء التحقيق .
الأوامر القضائية بانتهاء البحث
أولا : الأمر بعدم الاختصاص 
بعد اطلاعه على الأفعال المعروضة عليه واذا اتضح له أنها لا تدخل ضمن اختصاصه فإنه يصدر أمرا بعدم الاختصاص ، وتكييف الأفعال المحالة عليه واعتبارها خارجة عن اختصاصه تخضع لسلطته التقديرية وفي هذه الحالة يصدر أمرا بذلك ويحيل ملف القضية على النيابة العامة داخل أجل 8 أيام من صدور الأمر بعدم الاختصاص .

ثانيا : الأمر بعدم المتابعة
المادة 216 من ق م ج حددت الأسباب التي على أساسها يصدر قاضي التحقيق أمرا بعدم المتابعة .

ثالثا : الأمر بالإحالة على المحكمة 
هذا الأمر يرمي إلى توجيه الاتهام إلى المتهم وإحالته على الغرفة القضائية المختصة والتي تختلف بحسب نوع و درجة التهمة ، مما يستدعي بالضرورة التمييز بين الاحالة على غرفة الجنح بالمحكمة الابتدائية والاحالة على غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الإستئناف

استئناف أوامر قاضي التحقيق
نظم المشرع استئناف أوامر قاضي التحقيق في المواد 222 إلى 227 ويحق لكل أطراف التحقيق ممارسة حق استئناف هذه الأوامر دون الطعن فيها بالنقض ، فيكون استئناف أوامر قاضي التحقيق عن طريق النيابة العامة | أو المتهم أو المطالب بالحق المدني .

بطلان إجراءات التحقيق 
يعتبر ضمانة أساسية أقرها القانون من أجل حماية المشروعية المتعلقة بإجراءات التحقيق إذا ما خالفت القواعد الشكلية والموضوعية التي حددها المشرع وأوجب على قاضي التحقيق اتباعها .
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -