المدخل الى العلوم الاقتصادية و التدبير

المدخل الى العلوم الاقتصادية و التدبير

المدخل الى العلوم الاقتصادية و التدبير 

تعريف علم الاقتصاد :

علم الاقتصاد هو العلم الذي يهتم بتدبير الموارد النادرة واستعمالها على نحو يسمح بالحصول على أكبر إشباع ، ويعرف على أنه الوصل إلى فهم الواقع المادي أو الاقتصادي المعاش عن طريق العقل . موضوعه هو الثروة الاجتماعية من جهة وسلوك الانسان الاقتصادي من جهة علم الاقتصاد يهتم بالنشاط الاقتصادي : الانتاج ، التبادل الاستهلاك ، التوزيع وما يتفرع عنها من ظواهر اقتصادية مثل التنمية والدخل و الادخار و الاستثمار والتضخم والدورات الاقتصادية والبطالة وغيرها . آدم سميث أول من استعمل تعبير الاقتصاد السياسي ليدل على العلم الذي يدبر الثروة إلا أن هناك خلافا في تعريف علم الاقتصاد حسب نزعة الاقتصاديين الفكرية .
علم الاقتصاد هو علم إنتاج الخيرات المادية وتوزيعها واستهلاكها وإيجاد الحلول للمشاكل الاقتصادية وزيادة إنتاج الخيرات المادية للتقليل من آثار ندرتها ورفاهية الإنسان ، باختصار هو علم عقلنة نشاط الانسان الاقتصادي لما فيه خير الانسان ورفاهيته.

الفرق بين الاقتصاد والسياسة الاقتصادية 
پری سامولسون في كتابه علم الاقتصاد أن الاقتصاد هو أقدم الفنون وأحدث العلوم ، أي أن الاقتصاد علم مستقل بذاته ابتداء من 1776 وهو العام الذي نشر فيه الفيلسوف الانجليزي آدم سميث كتابه الشهير "دراسة في طبيعة واسباب ثروة الأمم ". لكن الاقتصاد وجد في تعاليم كل الديانات السماوية وكذا | في الفكر اليوناني والروماني .
فعلم الاقتصاد يفسر الظواهر الاقتصادية و يحللها ويدرس اتجاهات تطورها ، بينما تهدف السياسة الاقتصادية الى تقديم النصح فيما يجب أن يكون عليه الوضع الاقتصادي . فهي علاقة تكامل ، الأول يدرس المشكلة الاقتصادية ويفسرها والثاني يدرس السياسات المرجوة لتفادي المشاكل مستقبلا . هذه التفرقة لم تكن واضحة قبل آدم سميث لذلك كان علم الاقتصاد يوصف بالسياسي حتى اصبح هو الشائع ، والاقتصاد السياسي استعمله أول مرة الفرنسي انطوان دي مانكريتيان سنة 1965 في كتابه قواعد ادارة ذمة المدينة " بهدف اسداء النصح للأمير في السياسة الاقتصادية ونجد هنا الاقتصاد كسياسة . 

تنبع دواعي علم الإقتصاد مما يلي : 
1. علم الإقتصاد يرتبط بالإنسان وبالمجتمع البشري لأنه يأخذ على عاتقه الكشف عن القوانين والمبادئ التي تحكم العلاقات المادية بين الناس . 
2. تدخل الدولة ومؤسساتها في أنظمة الحياة الإقتصادية .
3. التباين في مستويات التقدم بين الدول .
4. الأوضاع الاقتصادية المتردية في بعض الدول وحاجتها إلى المزيد من الدراسات والتجارب للسياسات الإقتصادية .

تقسم العلوم حسب كون الانسان طرفا فيها أم لا : 
1. الظواهر الطبيعية : وهي التي لا يكن الإنسان طرفا فيها وتدرسها علوم مثل الفيزياء والكيمياء والجيولوجيا. 
2. الظواهر البشرية : وهي التي يكون للانسان يد فيها ، وتكون موضوع علوم مثل التاريخ والاقتصاد . 

يوجد أربعة محاولات لتحديد غرض علم الاقتصاد وتعريفه : 
1. التحديد المادي لغرض علم الاقتصاد : وهو إضفاء الصفة الاقتصادية لكل ما يمت بصلة إلى الوقائع المادية لذلك كان غرض الإقتصاد هو معرفة | الطريقة المثلى للوصول بالفرد إلى الرفاهية المادية والغني ، الكلاسيك من متبني هذه الفكرة ، حتى أن سميث سمى كتابه اسباب ثروة الأمم ، لكن يبقى هذا التعريف قاصر ذلك أن ليس كل عمل هو ذا طابع اقتصادي فالفنان عمله إنساني وليس اقتصادي . 
2. تحديد غرض الإقتصاد على أساس التبادل : وهنا نرى بيرو يعرفه على أنه دراسة عمليات التبادل التي يتخلى بموجبها الفرد عما هو في حوزته ليحصل على شيء آخر يحتاجه فالنشاط الإقتصادي حسب هذا التعريف هو أخذ وعطاء وتبادل ، لكن يبقى هذا التعريف قاصر ذلك أن الفلاح الذي ينتج ليطعم أبناءه ألا يعتبر هذا ناشطا اقتصاديا ؟
3. تحديد غرض الإقتصاد على أساس الندرة : كثير من هذا التعريف يعتبرون الاقتصاد هو الكفاح ضد الندرة وبالتالي يعرفون الاقتصاد هو العلم الذي يبحث مشكلة ندرة الموارد ، لكن يوجد عوائق يكن تلخيصها في الزمان والمكان ، الحدود العضوية والسيكولوجية للإنسان فلا يمكنه تحقيق كل شيء لقدرته المحدودة ، حياة الانسان محدودة ، حدود المكان فقد لا توجد أرزاق في مكان ما وقد تكون موجودة في مكان فيجد نقلها الشخص آخر ، لكن يبقى هذا التعريف قاصر ذلك أن الندرة صفة محدودة .
4. تحديد غرض الإقتصاد على أساس اجتماعي: وهذا فكرة الاشتراكيين حيث يهتمون بدراسة العلاقات بين الأفراد خلال الانتاج وما بعد الانتاج ، ويدرسون بالخصوص قوانين الانتاج والتوزيع في المجتمع البشري .

شروط كسب المعرفة العلمية وخصائص الظاهرة الاقتصادية : 

خصائص الظاهرة الاقتصادية :
تتميز الظاهرة الاقتصادية لمجموعة من الخصائص نذكر منها : 
1- ظاهرة اجتماعية : تجري في الزمن ، ذلك أنه من الممكن أن تعيد ظاهرة تجريبية مثل غليان الماء لكن لا يمكن أن تعيد ظاهرة اقتصادية مثل الأزمة الاقتصادية .
2- هي ظاهرة متقطعة : وليست متدرجة كالظاهرة الطبيعية .
3- ظاهرة لصيقة بالإنسان : حيث يدخل الانسان طرفا فيها ، ويتطلب تحليل الظاهرة الاقتصادية تحليل لدوافع الانسان . 

هنا نفي البعض صفة القانون على علم الاقتصاد وبالتالي يمكن نفي صفة العلم على الاقتصاد السياسي لكننا نجد الفيزيوقراطيين أول من أمن بالقوانين الاقتصادية وبنوا كامل نظريتهم على القانون الطبيعي ، كما أن المدرسة الكلاسيكية أقرت بوجود قوانین اقتصادية ، والمدرسة الماركسية أكدت وجود القانون الاقتصادي وهي الكشف عن القوانين المهيمنة على الانتاج والتوزيع . 

شروط كسب المعرفة صفة العلمية : توافر مصطلحات لغوية دقيقة ، الموضوعية في البحث والاستنتاج ، التوصل إلى قوانين . فهل تتوفر المعرفة الاقتصادية على هذه الشروط ليكتسب الاقتصاد صفة العلم ؟ 
1- المصطلحات الاقتصادية ليست دقيقة جدا كالمعايير الفيزيائية لكن هذا دافع للقائمين على الفكر الاقتصادي لتحديد مصطلحاتهم . 2- الموضوعية في الأبحاث الاقتصادية : الباحث في العلوم الاقتصادية لا بد أن يتأثر بالبيئة والطبقة المجتمعية والأحداث الاقتصادية أحداث وأرقام لذلك عليه أن يفهمها ويشرحها حسب معتقده وبيئته. 3- أنواع وخصائص القوانين الاقتصادية : تعبر القوانين الاقتصادية عن جوهر العمليات أو الظواهر الجارية ، وهي علاقات تجري في دائرة الانتاج ، لكن الجوهر والظاهرة ليست متطابقة ، ولو كانت متطابقة لما كانت الحاجة إلى علم الاقتصاد ولكان التجربة والملاحظة والرصد كاف ، لكن اكتشاف القوانين الاقتصادية يتطلب موهبة ومقدرة علمية وشجاعة لأن القوانين الاقتصادية ليست ذات قيمة نظرية بل لها آثار محضة وعملية .

أنواع القوانين الاقتصادية : 
قوانين منطقية تقوم على الملاحظة والاستنتاج و قوانين اقتصادية احصائية تعتمد على التحليل الكمي والإحصائي الذي يكشف التواتر والانتظام وهي تكشف نوعين من العلاقات : علاقات تبعية مثلا الاسعار والأجور حيث كلما ارتفعت الأسعار يجب أن ترتفع الأجور ، علاقات محتملة مثلا كل تحول في الأسعار يجري تحول محتمل في الأجور .

خصائص القوانين الإقتصادية : 
نسبية : أي تأخذ بعين الإعتبار الزمن الذي حدثت فيه ، مشروطة بمعنى أن شروطا يجب توفرها لتتحقق وهي احتمالية وليست حتمية ، لها علاقة بالنظام الإداري فهناك قوانين عامة وخاصة بكل نظام اقتصادي ، فقانون المنهجية والتناسب خاص بالنظام الاقتصادي الاشتراكي ، أما قانون العفوية فهو من خصائص النظام الرأسمالي ، أما قانون تقسيم العمل فهو قانون عام . القوانين الاقتصادية تبقى كونها أداة تنبؤ للوقائع الاقتصادية وأداة لعلاج بعض المشاكل الاقتصادية .

مناهج البحث في علم الاقتصاد واساليب التحليل الاقتصادي وأنواعها : 

مناهج البحث في الإقتصاد : 
يؤكد الاقتصاديون الصفة العلمية للاقتصاد إذ يرون أن لهذا العلم قوانينه الخاصة ومن ثم فهم يسعون للكشف عن هذه القوانين ويتبعون في هذا الشأن مناهج علمية وهي : 
المنهج الاستنباطي : ويعد من أقدم مناهج المعرفة ، يرجع إلى عهد أرسطو ، وهو عملية عقلية ذهنية تدور في الذهن تضع عددا من المقدمات المسلم بها ثم يستخلص منها النتائج ، ويطلب هنا سلامة المنطق وسلامة المسلمات . 
المنهج الاستقرائي : ويقصد بها استخراج القوانين العامة من الظواهر ذاتها بعد حدوثها وهو عكس المنهج الاستنباطي ، لذلك يوصف الأول بالاستدلال الصاعد ، والثاني بالاستدلال النازل ، ويعتبر كلا المنهجين ضرريين لتحليل الظواهر الاقتصادية أو الكف عن القوانين والنظريات الاقتصادية . 

أساليب التحليل الاقتصادي 

الأسلوب الرياضي المعتمد على المنهج لاستنباطي ، الاسلوب التاريخي والاحصائي المعتمدان على الاستقراء والاستنباط معا . 

الأسلوب الرياضي : تستخدم الرياضيات في الدراسة الاقتصادية ويتصف هذا الأسلوب بثلاث صفات : استخلاص النتائج من المقدمات ، السرعة والتعبير برموز بسيطة تغني عن الكلام الطويل ، الدقة المتناهية وتجنب التشويش ويعد الاقتصاد الرياضي من فروع علم الاقتصاد . 
الأسلوب الاحصائي : تقدم الاحصائيات مقياسا دقيقا للظواهر الاقتصادية ، ويقدم لنا المادة اللازمة لاستخلاص القوانين الاقتصادية وقياس مستوى العلاقة بين الظواهر المختلفة .
الأسلوب التاريخي : يعتبر الألمان أول من اهتم بهذا الاسلوب وعرفت افكارهم بالمدرسة التاريخية ، يقضي هذا الأسلوب تجميع الحوادث والوقائع الاقتصادية التي حدثت في الماضي من الكتب والوثائق التاريخية بعد التحقق من صحتها الضمان صحة النتائج المستخلصة منها ، ومعرفة العناصر المتكررة والغير المتكررة ، يبقى أن التفريق بين تاريخ الاقتصاد كعلم وبين تاريخ الوقائع الاقتصادية ضروري من أجل تفسير صحيح للظواهر الاقتصادية .

التحليل الاقتصادي

مفهوم التحليل الاقتصادي ومنافعه :

مفهوم التحليل الاقتصادي : 
هو جزء من علم الاقتصاد ويتناول دراسة العلاقات السببية بين الظواهر الاقتصادية ، وتقسيم الظاهرة إلىعناصرها الجزيئية التي يمكن فهمها بسهولة أكثر من فهم الظاهرة في كليتها ، ومن ثم صياغة الفرضية التفسيرية للظاهرة على أساس العلاقة التابعية أو السببية . ويميز الاقتصاديون بين نوعين من التحليل : الجزئي والكلي. التحليل الجزئي يوصف بنظرية الاسعار أو نظرية التوزيع ، بينما الكلي يوصف بتحليل الدخل والتشغيل . التحليل الجزئي يتناول البحث في السلوك الاقتصادي على مستوى الوحدة ، وينطوي على فكرة تصرف الافراد بطريقة مماثلة اتجاه القضايا الاقتصادية ، فالحديث عن الاستهلاك ضمن مجال التحليل الجزئي وهو تحليل نمط استهلاك الفرد لدخله ، كما يدخل فيه التوزيع والدخل الفردي للافراد ، أما التحليل الكلي فهو دراسة السلوك الاستهلاكي للمجتمع والحديث عن الناتج القومي يدخل ايضا في التحليل الكلى ، يعني ذلك أن هدف التحليل الكلي هو دراسة القوى والعوامل التي تؤثر على الأداء الاقتصادي للمجتمع منظور إليهم ككيان واحد ، إذن هو دراسة الموضوعات الاقتصادية التي تؤثر على المجتمع كالدخل القومي والناتج القومي و التشغيل والدورات الاقتصادية والتوازن الاقتصادي ، وهنا لا تنطبق قوانين التحليل الجزئي على التحليل الكلي ، فدراسة شجرة ليست دراسة غابة . 

منافع التحليل الاقتصادي : 
يوفر التحليل الاقتصادي لصاحب القرار الاقتصادي :
-1 نتائج البدائل المختلفة للقرارات وأساس للاختيار بين البدائل .
-2 يضع بين ايديهم اساسا للتنبؤ التغيرات المستقبلية في اتجاه تطور التكاليف والاسعار .
-3 يوفر أداة سليمة لرسم السياسات الاقتصادية الصحيحة لزيادة النجاعة | الاقتصادية على مستوى المشروع أو القطاع أو القومي أو العالمي . -و يمدنا بالأساس العلمي للحكم على كفاءة نظام اقتصادي ما وعلى الأداء الاقتصادي في كل المستويات . تجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد تدخل فيه عواطف المستهلك وتصرفاته الغير العقلانية وبالتالي تبقى احتمالات الخطأ واردة لكن التحليل الاقتصادي يمدنا بأسلوب للتفكير المنظم في ايجاد الحلول للمشكلات الاقتصادية مع أقل خطأ ممكن ، لهذا يعزل المحللون الاقتصاديون العوامل  المؤثرة واحدا واحدا من أجل دراستها على حدة ثم تركيب التفاعل بين هذه العوامل لمعرفة تأثيرها على النشاط الاقتصادي موضوع التحليل .

مستوي التحليل الاقتصادي :
ونتحدث هنا عن التحليل الجزئي والتحليل القطاعي والتحليل الكلي والتحليل العالمي .

التحليل الجزئي : يتناول السلوك الفردي سواء الانتاج أو الاستهلاك وقرارات الوحدات الانتاجية الفردية ذات القرار المستقل سواء بالادخار او الاستثمار سواء كانت فرد أو شركة أو مشروع.
التحليل القطاعی : اسلوب تحليل محدث اقترحه ستوارت هولاند سنة 1975 وهو اسلوب تحليل المجموعات الصناعية الكبرى اتي تشكل اهتمام التحليل الاقتصادي الكلي مثل الفلاحة الصناعة الخدمات الصحة التعليم النقل ... إذن هو تحليل بين الجزئي والكلي ويعرف تطورا مهما .
التحليل الكلى : هو الأسلوب الذي عرضه جون كينز وجعله اسلوبا منهجيا لفهم حدوث الأزمات في اقتصاد السوق ووسيلة فعالة لمعالجتها ، وهو يتناول المجاميع الاقتصادية الكبرى والمتغيرات الاجمالية ، وهو يعالج عموما النشاط الاقتصادي على المستوى الوطني الانتاج الناتج القومي الاستهلاك القومي الادخار الاستثمار التصدير كما يدرس تحقيق التوازن بين هذه القطاعات ومعالجة آثار الاختلال في هذا التوازن مثل البطالة والتضخم واسعار الصرف والنمو الاقتصادي ومستوى المعيشة . كما يدرس تدخل الدولة ودورها الاقتصادي وسياساتها المالية والنقدية والتخطيط الشمولي أو الجزئي أو الالزامي أو التوجيهي .
التحليل العالمي : ينظر في تشكيل اقتصاد عالمي موحد نظرا لزيادة الشركات العابرة للقارات وتخصيص كل اقليم بانتاج سلع معينة واحداث ترابط بين النمو والتقدم بين البلدان كما يتناول تحليل العلاقات الاقتصادية بين البلدان وجدوى الحماية الجمركية أو تحرير الاقتصاد كما يهتم بدور المنظمات الاقتصادية العالمية يبقى أن هذه التحاليل يضعها غالبا العالم المتقدم ليكرس سيطرته على المجالات المهمة ويترك بعض الصناعات التحويلية للدول المتخلفة لذلك وجب تحريره من أي غلاف سياسي.
التحليل الاقتصادي والزمن : 
التحليل السكوني : تحليل المجاميع الاقتصادية في لحظة معينة مثل العرض والطلب في لحظة معينة و تشكل السعر في لحظة معينة. التحليل الحركي : ويأخذ بعين الاعتبار العامل الزمني حيث يدرس المجاميع الاقتصادية في فترات مختلفة ويعطي تفسيرا لها خلال تطورها عبر الزمن والتنبؤ بحدوث تغيرات نوعية أو كمية . ويمكن التمييز هنا بين التحليل الحركي للمدد القصيرة لتحقيق التوازن الكينزي واستقرار الاسواق والتحليل الحركي للمدد المتوسطة حسب نظرية الدورات الاقتصادية و التحليل الحركي للمدد الطويلة حسب نظرية النمو الاقتصادي .

الجوانب النظرية لفلسفة الاقتصاد :
كباقي العلوم تطور علم الاقتصاد عبر أزمنة طويلة وتكون من مجموعة من المفاهيم والنظريات وتبلور موضوعه ومنهجه ومحتواه على شكل مفردات علمية ولم يدخل الاقتصاد السياسي الى حياتنا دفعة واحدة بل عبر مراحل ، ف أرسطو يقصد به قوانين الاقتصاد المنزلي ، ومع بداية القرن 17 تبلور المفهوم على يد مجموعة من المفكرين أبرزهم : انطوان دي مونكريتيان ق16، وليم بيتي ق17، جيمس ستوارت ق18، کارل مارکس ق19، ألفريد مارشال ق20 .

الفلسفة الاقتصادية اللبرالية : 
فرانسيس بيكون القائل : لا اتفق مع ما تقول لكنني سأدافع حتى الموت عن حقك في القول عن اراءك . عكست اللبرالية طموحات الطبقات الصاعدة التي تتضارب مصالحها مع مصالح الاقطاعيين ملاكي الاراضي وكانت الأفكار اللبرالية تسعى الى الثورة الجذرية فالثورة الإنجليزية في ق 17 والثورة الفرنسية والأمريكية في ق18 كانت ضد السلطة المطلقة والحكم الملكي القائم على مبدأ الحق الالاهي للملوك ، ونادي اللبراليون بالحكم الدستوري والبرلماني وانتقدوا السياسات الاقتصادية للنظام الاقطاعي كما هاجموا الكنيسة و طالبوا بالحرية الشخصية والملكية الخاصة وهي طموحات للطبقة البورجوازية الصاعدة من رماد الاقطاع وعن حاجياتها الاقتصادية وسياسيا عبرت عن تطور تحتي واكبة تطور سياسي واقتصادي ثار ضد نظام الاكليروس الكنسي الاقطاعي .

المدارس الاقتصادية الكبرى 

المدرسة التجارية :
ظهرت مع بداية ق15 واستمرت الى منتصف ق18 ، طيلة هذه المدة لا يمكن نسب هذه المدرسة الى مفكر معين ، بل يلتقي جميع مفكري هذه المدرسة الى افكارهم التجارية ، حيث خلص ادم سميث الى تسميتهم بالتجاريين أو المدرسة التجارية .

جاء هذا المذهب الاقتصادي بعد العصور الوسطى ، ولا نجد عند التجاريين تحليلا اقتصاديا واسعا لكنهم طرحوا أسئلة : ما هي الثروة ؟ ولماذا ترتفع الاسعار ؟ وقد توصلوا إلى : ضرورة أن تكون الدولة قوية . أن تكون غاية النظام الاقتصادي هو تحقيق القوة وهكذا سميت نظريتهم " الاقتصاد للقوة "" • الثروة هي أهم ما يحقق قوة الدولة ، ثروة أي بلد في ما يملكه من ذهب وفضة ، ولو على حساب الدول الأخرى وهنا عرفت اوروبا صراعات بين بريطانيا وفرنسا على المستعمرات ، وقد تبلورت لاحقا سياسة العهد الاستعماري لتنظيم التوسع الاستعماري من أبرز بنود هذا العهد :
و تعتبر المستعمرات مناطق نفوذ للدول المستعمرة و لا يجوز للمستعمرات انشاء صناعة خاصة بها بل تكتفي بتصديرالمواد الخام وتبقى سوقا للدول المستعمرة و لا يمكن لتجار المستعمرات شراء المنتوجات الا من المستعمر.

ويمكن تلخيص أهم المبادئ العامة لأفكار الميركونتيليست حسب شومبيتر في :
1. العلاقة بين ثروة الأمم وما لديها من ذهب 2. الاهتمام بدراسة ارتفاع الأثمان 3. تحقیق میزان تجاري مناسب 4. تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية 5. اعطاء الأولوية للنشاط التجاري الخارجي وتنظيم النشاط الاقتصادي الداخلي 6. زيادة حجم السكان .
نقط الضعف التي رافقت هذه المدرسة : 
1- خطؤهم في تحديد معنى الثروة لأنها هي ما تنتجه من سلع ومواد وليس معدن نفيس فقط .
2- خطأهم في تشديد الضرائب على الواردات من أجل تحقيق فائض تجاري فرغم حمايتها للسوق الداخلي لكنها أضرت بالاقتصاد الداخلي وتسببت في حروب تنازعية على المستعمرات للسيطرة على الأسواق والمعادن .
3- لم يحددوا مفهوم القيمة بشكل واضح .
4- عجزوا عن تقديم تعريف دقيق للنقود حيث خلطوا بين النقود والثروة.
5- اعتبار المستعمرات سوقا للتصدير ومصدرا للمواد الخام وهنا يمكن القول أن تطور الكثير من الدول الأوروبية جاء على حساب المستعمرات عبر استغلالها وافقارها واستخدام الرقيق مما يشكل ادانة اخلاقية للمدرسة التجارية .

المذهب الطبيعي أو الفيزوقراطي :
نشأ في فرنسا في ق18 ، اعتقدوا بمبدأ القانون الطبيعي ومحاولة معرفة العلاقة بين الطبيعة والانسان ويعتقدون بوجود قانون طبيعي يحكم المجتمع الانساني وتؤمن له سعادته ويمكن تفسير جميع الظواهر الاقتصادية انطلاقا من هذا القانون الطبيعي في كل زمان ومكان ، واعتقدوا بأن الأرض والزراعة هي مصدر الثروة كلها ، واعتبروها هي القطاع الانتاجي الأول ، أهم روادها المفكر فرانسوا كينيه و وليام بيتي ، حيث هاجموا فرض القيود التجارية لأنها تضر بالمورد والمصدر .

أهم مبادئ المدرسة :
1- مبدأ الحرية التجارية والصناعية ، دعه يعمل دعه يسير 2- مبدأ المنفعة الشخصية 3- مبدأ المنافسة .

المدرسة الكلاسيكية :
وضعت هذه المدرسة اللبرالية منهاج عمل لتنظيم الحياة الاقتصادية وشكلت مرجعا فكريا لمجموعة من الاساسيات الاقتصادية الجزئية والكلية ، ابتداء من رائدها أدم سميث في القرن18 . يبني سميث فرضيته على أن المصلحة الفردية هي الدافع دائما لأي نشاط اقتصادي وبالتالي يجب حرمان الدولة والحاكم السياسي من أي نشاط صناعي أو تجاري ولا يحق للدولة التدخل في الاقتصاد بين الأفراد والامم ، وأن هذه المصلحة تتضرر فور تدخل الدولة . يعتبر أن النشاط الاقتصادي تحكمه العديد من القوانين الخاصة : كالعرض والطلب وقوانين الطبيعة الإنسانية وهذه القوانين تقوم بمهامها كاملة لو توفر شرط عدم تدخل الدولة فتحقق مصلحة المجتمع ورغبات الفرد في ظل اقتصاد السوق الحر . يسمح للدولة فقط ب: 1- الاهتمام بالبنية التحتية من طرق وجسور ومياه وصرف صحي والخدمات الاجتماعية الضرورية . 2- الحفاظ على الاستقرار والأمن وحماية الديمقراطية والحياة السياسية 3- الدفاع عن الوطن من أي تهديد خارجي .

يقسم اللبراليون الطبقات إلى ثلاثة طبقات : الطبقة الرأسمالية التي تملك وسائل الانتاج ، الطبقة الأرستقراطية التي تملك الأرض ، والطبقة العاملة التي تقدم العمل ولا تملك أي شيء.
هذه الحلول تجري على السوق الداخلي والخارجي على حد سواء . هذا المذهب تعرض لانتقادات من داخله بفعل تزايد البؤس الانساني وتفشي البطالة وتحول المنتجين الصغار إلى عمال مأجورين وعمل الأطفال والنساء وإطالة وقت العمل وتعميق انقسام المجتمع إلى طبقتين : الرأسماليين والعمال وهنا انقسم الفكر الكلاسيكي ، فمثلا جون ستيوارت في نظرية القيم الدولية يعلن قائلا : إذا كانت قوانين الإنتاج أزلية وشاملة فإن قوانين التوزيع وضعية | وتناقش وبذلك وجه ضربة الى آدم سميث و ريكاردو " الحرية الاقتصادية" وفي نفس الوقت نسف الفكر الطبيعي .

المدرسة الماركسية :
بدأ مارکس ببناء نظري ينتقد النظام الاقتصادي السياسي الكلاسيكي وقدم بديلا القوانين الاقتصاد الرأسمالي وحركته يمكن تلخيصها كالتالي : . اهتم الكلاسيكيون بالمظهر الكمي العددي ونسوا الاهتمام بكيفية الظواهر الاقتصادية . . " الاستلهام للفرد " ذا طبيعة أنانية يربطون الظواهر الاقتصادية بالرجل الاقتصادي • ينتقد اعتبار الظواهر الاقتصادية أبدية وأنها صالحة لكل زمان ومكان • يدرس ماركس التطور الاقتصادي عبر منظور ديالكتيكي جدلي مقدما مثلا صراع المتناقضات في بيئة الاقطاعي والفلاح .

موضوع الاقتصاد السياسي بالنسبة لماركس يتعلق بعملية الانتاج والتوزيع بطبيعتها الديالكتيكية فالظواهر الاقتصادية التي تحتويها هذه العملية لها طبيعة ديناميكية ومن ثم تكون للقوانين التي تحكمها ذات طبيعة اجتماعية ومن ثم تاريخية . الاقتصاد السياسي حسب ماركس يهدف الى استخلاص قوانين الحركة للأشكال الاجتماعية المختلفة للإنتاج ، أي العمليات الدياليكتكية الحقيقية المحددة تاريخيا ، ومن ثم لموضوع الاقتصاد السياسي طبيعة تاريخية فهو تاريخي أولا بمعنى أن موضوع تحليل المجتمع الحديث محدد للباحث تاريخيا ، ثانيا وهو تاريخي بمعنى أن موضوع التحليل " طريقة الإنتاج الرأسمالي " ليست كما اعتقد الكلاسيكيون الشكل المطلق النهائي للإنتاج الإجتماعي ، لا تعدو أن تكون مرحلة عابرة في التطور التاريخي لهذا | الانتاج . جاءت تحليلات ماركس للاقتصاد السياسي الكلاسيكي في أربعينيات القرن 19 بعد استفحال التناقضات الطبقية في النظام الرأسمالي وتكشفت طبيعتها الاستغلالية والقهرية .
الكلاسيكية الجديدة :
في أواخر ق19 بدأ التنظير الكلاسيكي الجديد يأخذ مكانه في بلورة الأفكار للاقتصاد الحدي الذي ظهر بفضل جهود الجيل الأول من المفكرين الحديين من أمثال وليام ستانلي و کارل منجر وتطور هذا الفكر أكثر من خلال الجيل الثاني من أمثال الفريد مارشال وفون بوم . نشأ هذا الفكر في وسط تاريخي من تطور النظام الرأسمالي حيث شهد تكون الطبقة العاملة وأشكالها النقابية والسياسية . ارتبطت الكلاسيكية الجديدة بالتطور في التنمية الصناعية التي جعلت معها ثروات مهولة للبعض وفقرا مدقعا للبعض الآخر ، وحدثت تباينات كثيرة في المشهد الإجتماعي كانت أكثر حدة في إنجلترا والولايات المتحدة . في ظل هذه التغيرات التاريخية كان من الصعب التمسك بالأفكار السابقة للكلاسيكية القديمة من أن الأفكار الرأسمالية تجلب الرفاه والعدالة للجميع والبحث عن أفكار تحقق فعلا التوازن بين ثراء الطبقة الرأسمالية وحقوق الطبقة العاملة .

الكلاسيكية الجديدة : نظرية كينز
لم يصمد المذهب الكلاسيكي المعتمد على الحرية الاقتصادية المطلقة ونظام السوق والقانون الطبيعي أمام الأزمات الاقتصادية المتكررة والتي كان أشدها أزمة 1929 ، الأمر الذي دفع إلى مراجعة هذه الأفكار والإعتراف بدور الدولة في إعادة التوازن الإقتصادي ، وقد جاءت هذه الفكرة من داخل الفكر اللبرالي نفسه . اعتقد كينز أن آلية السوق لا تحقق المصلحة الوطنية لأنها تؤدي إلى البطالة والاستغلال الفاحش والأزمات الاقتصادية . من هنا كانت الثورة الكينزية على المذهب الكلاسيكي وأعطت افكاره بديلا
عنها بشرط أن يتحقق التوازن بين الإدخار والاستثمار ، وفسر الأزمة بأنها نقص الطلب ، لذلك وجب العمل على زيادة الطلب بشقيه الإستثماري والاستهلاكي . لم ينظر كينز للأجور على أنها تكاليف إنتاج بل على أنها منافذ لتصريف الإنتاج وتشجيع الإستهلاك ، وأحدثت الرأسمالية نظام " الرفاه الإجتماعي" كأحد الإجراءت للحد من الأزمات الإقتصادية ، وحسب كينز هذه مسؤولية الدولة كما أن الدولة يجب أن تعوض النقص في الطلب الاستثماري وتحفيز الإستثمار الخاص من خلال تخفيض معدل الفائدة وزيادة السيولة مع استخدام سياسة نقدية متوازنة .
جوهر السياسة الكنزية 
تقلب السياسة الإقتصادية الكينزية راسا على عقب السياسة الاقتصادية التقليدية اللبرالية ، فالتقليديون مالوا إلى تصنيف الأولويات كما يلي :
1. النقد والتمويل أولا : الاستقرار النقدي والتوازن في موارد الدولة وإنفاقها هما الشرطان الأساسيان للازدهار الاقتصادي .
2. الاقتصاد ثانيا : فالتطور الاقتصادي يجب أن يسير حرا وعفويا بحيث تحقق آلية السوق التوازن فيه .
3. المسائل الإجتماعية أخيرا : فالتوزيع الأكبر يتطلب إنتاجا كبيرا

أما كينز فيحدد الأولويات كما يلي : 
1. المسائل الإجتماعية أولا : فيجب تحقيق التشغيل الكامل لأنه برهان للصحة الإجتماعية وسبب لها .
2. الاقتصاد ثانيا : يتحقق الاستخدام الكامل فيتحقق الإزدهار فيتحقق ارتفاع الدخل القومي .
3. النقد والتمويل أخيرا : فلا خوف من التضحية بعد كل هذا بالاستقرار النقدي وموازنة الدولة .

الانتقادات الموجهة لنظرية كينز:
جاءت النظرية الكينزية رغم أهميتها فقط لمعالجة الأزمات التي تنتاب الراسمالية وإخراجها من الكساد إلى الانتعاش والنهوض لكنها لم تعالج الجوهر الإجتماعي للرأسمالية فهي تنظر إلى المفهومات الاقتصادية على أنها مقادير رياضية ولا تكشف عن القوانين الفعلية التي تكمن في اساسها .
تطبيق كينز في البلدان المتخلفة لم ينجح نظرا لاعتماد نظرية كينز على زيادة الإنفاق الحكومي من أجل استخدام أكبر لوسائل الانتاج ، لكن حيث أن القطاع الزراعي لا يستطيع أن يزيد حجمه بسهولة نتيجة ضعف الإنتاج كما أن القطاع الصناعي الاستهلاكي في هذه الدول المعتمد على النسيج ومواد البناء يعرف اصلا اكتفاء ذاتيا ، وأغلب الاستثمارات تتوجه نحو الخدمات لكن نزفه عن طريق تصدير المواد الخام واستنزافه عن طريق استيراد فائض الإنتاج الصناعي الخارجي . هذه الدول المتخلفة قد تضررت من هذا الاتجاه ووقعت في التضخم وعدم الاستقرار النقدي .

اللبرالية الجديدة :
من حيث وجودها الفلسفي والنظري تشهد تباينات كثيرة ، فمثلا ليبرالية فريدمان أو بوشان تختلف عن ريكاردو وهي معقدة تتطلب أدوات منهجية عميقة لمعالجتها . 

لكن ما يميز الخطاب اللبرالي الكلاسيكي والمعاصر هو الاهتمام بمبدأ الحرية دعه يعمل ونظرا لعدم اتفاق الغايات والمصالح فشل المفكرون اللبراليون عن الاجابة عن سؤال ما هي الحياة المثلى للإنسان ، لكنهم قالوا بحرية الانسان في اختيار اسلوب الحياة التي يحقق السعادة لكل فرد ، و تبقى الدولة دائما الحائط الذي تصطدم به اللبرالية فهم يعتقدون أنها لا تنشأ لكي تدافع عن الفرد واختزلوا دورها في خلق التعايش بين افراد المجتمع . 

في الاقتصاد يرى هؤلاء أن الدولة لا ينبغي أن تتولى ادارة الاقتصاد وانه ينظم نفسه بنفسه عن طريق آلية السوق وهم يكالبون بالحرية ، حرية المال والتجارة والعمل والتعاقد الاجتماعي . 

تحققت للفكر نجاحات كثيرة في القرن 19 مع انتشار التصنيع واقتصاد السوق الخالي من الحكومة وتسود فيه التجارة الحرة بين الدول وقد نشأ هذا النظام في انجلترا اولا في منتصف القرن 18 واصبح راسخا في ق19 ثم انتشر في امريكا الشمالية واروبا الغربية ثم الشرقية ثم تغلغل في بداية القرن 20 في الدول النامية في اسيا وأفريقيا وامريكا اللاتينية ، وفي نهاية ثمانينيات القرن 20 ظهرت حركة عالمية وموجة قوية من اجل دمقرطة الأنظمة السياسية في كل العالم ونحو تحرير السوق العالمية والعولمة وتأكيد تفوق القطاع الخاص على العام . وبالتالي تطرح اللبرالية نفسها كبديل وحيد صالح للتطبيق على صعيد عالمي خصوصا بعد انهيار المنظومة الاشتراكية .

أزمة السبعينات 
سيطر على علم الاقتصاد منذ النصف الثاني من القرن العشرين اتجاه يسمى الاقتصاد النيوكلاسيكي وهو يختزل العملية الاقتصادية في آليات السوق من عرض وطلب وينظر الى السوق على انه مجال مستقل بذاته و يدير نفسه بنفسه وقد تحول هذا الفكر إلى
عقيدة تبنتها المنظمات العالمية المالية والسياسية مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وكانت هذه العقيدة هي التحرير الاقتصادي والخوصصة والتحول الى اقتصاد السوق الحر التي فرضتها تلك المنظمات على الدول النامية والاشتراكية السابقة . ينقسم الاقتصاد النيوكلاسيكي لي عدة مدارس أبرزها المدرسة النمساوية التي اسسها کارل منجر وتكتسب أهميتها من انها كانت تمثل البداية الاولى لهذا التجاه منذ صدور كتاب منجر كما اعتمد على افكراها طوال القرن ال20 النيوكلاسيك الانجليز والأمريكيون باعتبارها مصدرا رئيسيا في تحليل الاسس النظرية والمنهجية لنظرياتهم .

ما يوحد الاتجاه النمساوي مع النيوكلاسيك هو :
• السلوك الفردي الساعي للمنفعة .
• الاستهلاك وفهمه وتقنينه.
• تحقيق توازن السوق نظريا وتحليليا

لكن يفرق بينهم ان النيوكلاسيك اعتبروا السوق حرا اصلا بينما اعتقد النمساوين بوجود خروقات في السوق وتساءلوا كيف نصل الى سوق حر تماما .

النظرية الذاتية في القيمة :
أهم ما يميز المدرسة النمساوية هو نظرتها للقيمة وتحديدها من خلال تقييم منفعتها . وبذلك ربطت بين القيمة والمنفعة الفردية ، وهو بداية للمنظور الذاتي للقيمة لدى النيوكلاسيك . تقدم المدرسة النمساوية مفاهيم بعيدة كل البعد عن الطبقية والصراع الطبقي ومفهوم العمل كمصدر كل قيمة وهو السائد لدى الماركسية والكلاسيك على حد سواء ابتداء من آدم سميث ومرورا بريكاردو وانتهاء بجون ستيوارت ، بل على العكس تعتبر المدرسة النمساوية المستهلك هو المحدد للقيمة واعتبار السوق مركز العملية الاقتصادية . يذهب کارل منجر مؤسس المدرسة إلى أن ما يحدد القيمة ليس السلعة ذاتها بل علاقة الفرد بها ، ويحدد قيمتها على اساس استعمالها او فائدتها ، وبذلك تم تجاوز قضية القيمة الزائدة التي يضيفها العمل على المادة الخام ، هذه النظرية هي السبب في نجاح المدرسة النمساوية في بداياتها .

نظرية المنفعة الحدية :
هي اللحظة التي تلي الانتاج الاول والثاني والثالث والرابع حتى تصير السلعة في يد المستهلك دون جديد يذكر ، وهذا السعر اأخير هو المنفعة الحدية ، والمنتج دائما يتفادى الوصول الى هذا الحد عن طريق الحد من الانتاج لكي لا تفقد سلعته بريقها وحاجتها لدى المستهلك ، النظرية هي تنبيه للمنتجين ورجال الأعمال .

نظرية سلوك المستهلك : 
تنص على أن الهدف النهائي هو بيع السلعة للمستهلك وبذل يكون هو النقطة لاخيرة للعملية الاقتصادية ، ويتحدد السعر على درجة احتياج المستهلك للسلعة وبالتالي تتحدد تكاليف الانتاج بناء على السعر الذي يستطيع اداءه المستهلك ، فالمستهلك بقراره الشرائي هو الذي يحدد عملية الانتاج وتكون له السيادة . والحقيقة أن المستهلك ليست له كل هذه السيادة بل إن العملية الانتاجية تصبح دوامة تجبر منتجيها ومستهلكيها على الدوران ما دامت تقدم الجديد والجودة . ولربما كان طرح بعض السلع يخلق احتياجات جديدة لدى المستهلك ولم تكن الحاجة اليه لولا طرحه في السوق .

نظرية التوازن :
هي من أشهر نظريات الفكر النيوكلاسيكي وتهدف هذه النظرية إلى إثبات أن السوق الحر المتروك لقوانينه الخاصة سوف يصل الى استقرار في الأسعار وتوازن بين العرض والطلب وبين الموارد المتاحة والقدرة على تعبئتها وتشغيلها ، السوق إذن هو المؤسسة العامة التي تحقق الخير للمنتج والمستهلك ، ويجب ضمان تحييد السوق عن كل تأثير لتحقيق الاشباع النفعي المتبادل ، وهو حسب منجر ليس بحاجة إلى تنظيم لأنه ينظم نفسه بنفسه ، لكن ينسى أن خذه الشروط غير متوفرة حيث يسود الاحتكار في السوق والملكية الخاصة للاختراعات العلمية ولتكنولجية ، ينسى ايضا أن المنتج لا يبيع سلعته للمتسهلك مباشرة بل تمر عبر مراحل أيضا ينسى أيضا السياسة النقدية وما يخص اسعار الصرف والفائدة ، يبقى أن ما يهم النيوكلاسيك هو عدم الوقوع في الكساد او فرط الانتاج ويقولون بأن التوازن في الانتاج والتوزيع يتحقق عندما يتحقق توازن السوق.

المشكلة الاقتصادية 

تعد المشكلة الاقتصادية أومشكل الندرة سبب نشوء علم الاقتصاد ، لذلك فإن مفهومها أساسي لفهم العلاقة بين الفرد والمجتمع ، فالإنسان لديه حاجات ورغبات ويحاول إشباعها ضمن موارده المحدودة ، كما أنه يواجهها ضمن مجتمع له نفس الهدف ، فيتم تقسيم العمل ، ثم يتم التبادل بينهم ، فيتنازل كل فرد مما أنتجه ليحصل على بعض ما أنتجه الآخرون ، وكلما زاد التخصص زادت الفائدة تحقق أكبر إشباع ، ويمكن إرجاع المشكلة الاقتصادية إلى حقيقتين أساسيتين :

1- تعدد الحاجات الإنسانية ، فكلما تم إشباع حاجة ظهرت حاجة جديدة ، فالحاجات غير محدودة بل ومتجددة حسب الزمان والمكان . 2- ندرة الموارد الاقتصادية ، ويقصد به كل ما من شأنه أن يكون نافعا وقادرا على إشباع رغبة ما وحاجة ما ، كما يقصد بها الموارد التي تكون نادرة وغير متوفرة | بكثرة .

أنواع الحاجات : 
هي شعور بالحرمان يدفعه إلى محاولة إشباع الحرمان حاجات أولية : فرضها التطور الإجتماعي ، مثل الطعام والملبس والمأوى حاجات عامة اجتماعية : التعليم ، الجيش ، نفعها يكون على المجتمع .
خصائص الحاجة :
غير قابلة للإشباع : كلما اشبع حاجة ظهرت حاجة أخرى .
الحاجة متجددة ومتطورة : الجوع دائما يتكرر ومع عمر الإنسان تتطور حاجته .

أنواع الموارد :
الموارد الحرة : هواء شمس ماء ، تعتبر موارد غیر اقتصادية ولا تمثل مشكلة اقتصادية فلا يهتم علم الاقتصاد بها .
موارد نادرة : لا تكفي لتلبية حاجيات الانسان ولها قيمة اقتصادية كبيرة وليس بالضرورة أن تكون قليلة ولكن تكون موجودة بصفة كبيرة ولكن لا تكفي للجميع .

وسائل إشباع حاجات الإنسان : بواسطة السلع التي تتعرض للتأليف وهو الخلط بين عناصر الانتاج ، والإحلال وهو إحلال أسلوب انتاجي مكان أسلوب . 

أنواع السلع : السلع الإستهلاكية وهي ما يستهلكه الإنسان بصورة مباشرة مثل الطعام واللباس ، السلع الإنتاجية وهي ما يدخل في إنتاج السلع المعامل مثلا وأدوات الإنتاج .

أهمية المعلومات في حل المشكلة الاقتصادية :
من أجل وضع قرارات اقتصادية صحيحة وجب الحصول على معلومات وبيانات عن الموارد والحاجات وإلا سيهدر الوقت والجهد والموارد ، عدم اشباع حاجة الانسان ، ضياع الموارد وعدم استغلالها على الوجه الأمثل . وهنا تتجلى كفاءة النظام الاقتصادي في توفير المعلومات الصحيحة والوافرة لاتخاذ قرارات اقتصادية صحيحة . 

الإختيار وعلم الاقتصاد :
يواجه الانسان عدة خيارات خلال اشباع رغباته ، سيارة لونها حجمها نوعها ... 
إنتاج أي سلعة يتطلب اربعة عناصر: 
1- العمل : العمال وتدربهم وأجورهم . 
2- الأرض : الموارد الطبيعية المعادن الأراضي المزروعة أو التي يوجد عليها مصانع .
3- رأس المال : ويتضمن الأموال والاجهزة والآلات المستخدمة في عملية الانتاج
والمقصود هنا ليس رأس المال النقدي فقط بل وسائل وأجهزة الانتاج . 
4- المنظم : وهو الشخص المسؤول عن تنظيم عملية الانتاج أو الجهاز الإداري .

السوق وأنواع السوق :

 هومكان تلاقي البائع والمشتري ، ورغم أن الكثير يوحي بأن الأسواق آلية أو ذاتية التعديل لكن الواقع يبين أنها تسير من طرف بشر وهم العارض والطالب ، يتابعون المشاريع المربحة ويعرضونها بما يناسب المحتاج لها ويحصلون على ما يريدون منه . 

السوق ليس مكانا فقط ، بل هو عملية تنافس عطاءات وعروض ، ولا يتطلب وجود مكان ما فأسواق النفط ليست موجودة في مكان محدد ، كما أن أسواق الانترنيت لا تتطلب وجود سوق أيضا بمعناه المادي . 

العناصر المكونة للسوق : 

الطلب :
وهو مفهوم يعني الكمية التي يرغب الناس في الحصول عليها مع التضحيات التي يستطيعون تقديمها للحصول على هذه الكمية ، فيقوم المستهلك بطلب سلعة أو خدمة ويضع جدولا يوضح الكمية التي يحتاجها مقابل السعر المحتمل ويسمى جدول الطلب . 

1- جدول الطلب : هو جدول يوضح الكميات المختلفة من السلعة التي يرغب ويستطيع المستهلك شراءها خلال فترة زمنية محددة ، الرغبة والطلب تشكلان محددان للطلب الفعال ، وفي غياب الرغبة أو الاستطاعة لا نستطيع الحديث عن طلب فعال ، وأخيرا الفترة الزمنية التي يمكن دراسة احتياجات المستهلك لأنه يغير حاجاته مع الزمن . 
2- قانون الطلب : وينطبق على كل السلع النادرة ، يقول القانون : إذا زاد سعر سلعة ستقل الكمية المطلوبة ، وإذا قل سعر سلعة ستزيد الكمية المطلوبة (مع بقاء السلعة الأخرى ثابتة ) حيث أن هناك علاقة عكسية بين كمية اي سلعة والسعر التضحية) الذي يجب دفعه ، فالسعر والكمية يتحركان في اتجاهين مختلفين . 
3- محددات الطلب : هناك اختلاف بين الكمية المطلوبة والطلب ، الكمية المطلوبة تنقص مع ارتفاع السعر ، وللطلب عموما محددات أهمها : ذوق المستهلك : فإذا استحسن المستهلك سلعة زاد الطلب عليها ، عدد المشترين : فكلما ارتفع عدد المستهلكين زاد الطلب على السلع ، توقعات المستهلكين : إذا توقع المستهلك نفاذ سلعة ما فيرتفع الطلب على السلعة وبذلك يرتفع ثمنها .
4- أسعار السلع الأخرى : تؤثر السلع البديلة والمكملة والمستقلة على الطلب ،
البديلة وهي التي يمكن أن تعوض السلع الأصلية ، فزيادة ثمن القهوة سيدفع الناس نحو الشاي ، المكملة هي التي لا تستهلك إلا باستهلاك مكملتها فمثلا انخفاض سعر الشاي سيعمل على ارتفاع طلب السكر ، المستقلة هي التي لا يرتبط استهلاكها بالسلع الأخرى.
5- دخل المستهلك : فزيادة الدخل تزيد من الاستهلاك والطلب على السلع .

العرض : 
هو الجانب الآخر من السوق ، فنجد عند المنتج كمية معينة سيعرضها للبيع مع ثمنها وهذا يسمى جدول العرض ، ونظرية المنتج نفس نظرية المستهلك ، فهو داما يبحث عن خيارات وبدائل ويبحث عن مقارنة المنافع والتكاليف. 

1- جدول العرض : هو جدول يوضح الكميات المختلفة من السلعة التي يرغب ويستطيع المنتج إنتاجها وبيعها خلال مدة زمنية محددة
2- قانون العرض : العلاقة بين سعر السلعة والمكمية المعروضة علاقة طردية .
3- محددات العرض : وهنا نميز بين الكمية المعروضة والعرض ويرجع الاختلاف إلى العوامل المحددة لكل منهم فسعر السلعة هو العامل الوحيد الذي يحدد الكمية المعروضة ، وبصفة عامة هناك عوامل تحدد العرض وهي : أسعار عناصر الانتاج فكلما ارتفعت زادت تكلفة الإنتاج نقصت الكمية المنتجة فينخفض العرض وانخفاض ثمن الانتاج يعني ارتفاع الانتاج ، عدد المنتجين : كلما زاد المنتجون زاد العرض ، التقنية المستخدمة : التقنيات الحديثة تقلل من تكلفة الإنتاج وبالتالي ارتفاع العرض ، الضرائب والمعونات الحكومية : فكلما زادت الضرائب زادت تكلفة الإنتاج ونقص العرض وعند معونة حكومية لسلعة تنقص تكلفة الإنتاج فيزيد العرض .

سلوك المستهلك ونظرية المنفعة : 
1- سلوك المستهلك : بسبب الندرة يواجه المستهلك مشكلة الاختيار بين السلع والخدمات ، كما أن أسعار هذه السلع تلعب دورا في تحديد السلع التي سيشتريها سنحاول فهم كيف يتصرف المستهلك ، حيث أنه يشبع رغباته عن طريق الشراء وتسمى عملية الانفاق وهي سعر السلعة مضروب في الكمية المشتراة ونميز هنا بين الطلب الفعال الذي يكون برغبة واستطاعة وبين الطلب الذي ينقصه المال أو الرغبة .
2- نظرية المنفعة : لكل سلعة منفعة وهي التي تدفع المستهلك لشراءها في حدود إمكانياته المتاحة وتساهم نظرية المنفعة في تحليل سلوك المستهلك وإيجاد الآلية التي يتم بها التوصل إلى توازن المستهلك . نركز على أن المستهلك يستهلك السلع التي تشبع رغباته ، يخصص المستهلك جزءا محددا من دخله من أجل الإنفاق على هذه السلع ، يحصل المستهلك على اشباع نتيجة استهلاكه لهذه السلع. 

المنفعة والفائدة : المنفعة لا تعني فائدة فالسيجارة تشبع رغبة لكنها مضرة . 
المنفعة مقياس شخصي : تختلف من شخص لآخر . 
المنفعة الكلية : مقدار الإشباع عند استهلاك مجموعة من السلع المتتالية . 
تعظيم المنفعة الكلية : توزيع دخل المستهلك على السلع والخدمات بهدف الحصول على أكبر إشباع .

المنفعة الكلية والمنفعة الحدية :
المنفعة الكلية هي مقدار الإشباع الذي يحصل باستهلاك وحدات متتالية من السلع والخدمات وتتغير المنفعة الكلية بتغير عدد الوحدات المستهلكة ، أما المنفعة الحدية فهي مقدار التغير في المنفعة الكلية ، وهي عبارة عن مقدار الإشباع الإضافي الذي يحصل عليه المستهلك عند زيادة استهلاكه لسلعة معينة بوحدة واحدة وتعتبر المنفعة الحدية مقياسا لمقدار التغير في المنفعة الكلية ، فعندما تكون المنفعة الحدية متزايدة فهذا يعني أن المنفعة الكلية تتزايد أيضا .

الأسواق الإقتصادية :
هناك العديد من أشكال الأسواق المختلفة على حسب هيكل السوق والسلوك المتبع فيه من أجل تحقيق الربح .

سوق المنافسة الكاملة :
1- وجود عدد كبير من المنتجين والمستهلكين ن حيث تعمل هذه الخاصية على ضمان تأثير أي مستهلك أو منتج على سلعة ما، ويكون المنتج مستقبلا لثمن السلعة من السوق ويسمى السعر السائد في السوق سعر المنافسة وهو السعر الذي تباع به .
2- سلع سوق المنافسة متجانسة : حيث توجد بدائل دائما عن السلع المقدمة .
3- حرية الدخول إلى السوق : حيث يمكن لأي منتج الدخول للسوق وإنتاج السلع والإنتقال من إنتاج سلعة إلى إنتاج أخرى .
4- توفر المعلومات بشكل كامل : حيث تتوفر معلومات الإنتاج والتكاليف والتقنية المستخدمة وسعر السلعة .

سوق الإحتكار التام :
1- وجود منتج واحد : فالمحتكر هنا يمثل السوق فعندما يقوم المحتكر برفع سعر السلعة ينخفض الطلب عليها ، والعكس ، ويعتبر المنتج محددا للسعر ويتمتع بقوة احتكارية .
2- عدم وجود بدائل لسلعة المحتكر : حيث تكون مرونة الطلب السعرية تساوي 0 .
3- وجود عوائق تمنع دخول منتجين جدد للسوق : تكون قانونية مثل براءة اختراع أو حكومية أو تقنية أو عدم ملكية وسائل الانتاج أو طبيعية . 

أنواع أخرى للسوق :
1- سوق المنافسة الإحتكارية يعتبر قريبا من سوق المنافسة الكاملة ومن خصائص هذا السوق : وجود عدد كبير من المنشآت الصغيرة بحيث لا تستطيع أي منشأة التحكم في السعر ، السلع متشابهة لكنها غير متجانسة ، سهولة الدخول للسوق ، وجود منافسة غير سعرية أو ما يسمى التمييز السعري باستخدام الإعلانات والدعاية .
2- سوق احتكار القلة : يعتبر أقرب إلى سوق الإحتكار ويتميز بوجود عدد قليل من المنشآت التي تملك حصة كبيرة من السوق ، وجود منافسة غير سعرية ، وجود عوائق تمنع دخول منتجين جدد للسوق حيث تعطي قوة احتكارية واتفاق بين المنتجين على السعر أو مناطق بيع المنتوج ، وتكون السلعة متميزة باختلاف بسيط في الغلاف أو خدمات ما بعد البيع وترتبط هذه الميزة بالمنافسة غير السعرية .
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -