المدخل الى العلوم القانونية

المدخل الى العلوم القانونية

المدخل الى العلوم القانونية 

تقديم 
تعد العلاقة بين القانون و المجتمع علاقة جدلية , فلا يتصور مجتمع بلا قانون , ولا قانون بلا مجتمع , سواء على المستوى الداخلي أو الدولي , وعليه يعد القانون ظاهرة وضرورة اجتماعية في ذات الوقت خصوصا أن الانسان اجتماعي بطبعه يستحيل أن يعيش وحيدا , فبفضل الجماعة يستطيع الانسان اشباع رغباته , لكن الطبيعة الأنانية لهذا الأخير تدفعه الى التصارع و التطاحن مع الآخرين من أجل السلطة و المال ومن أجل الحفاض على العلاقات الاجتماعية والسلم و الأمن كان لابد من القانون , هذا الأخير  يفرض استخدام القوة البدنية أو الوسائل الرمزية , الفرض يكون بالاجبار و القهر أما الاعمال فيكون بالايحاء و التشجيع و الثناء.

و يعتبر القانون أهم وسيلة لظبط المجتمع الانساني لعدة عوامل منها محدودية تأثير الوسائل الأخرى مثل الأعراف و رأي الناس و التقاليد خصوصا في المجتمعات ذات التركيبة البشرية المعقذة . فالقانون باعتباره منظومة كلية من القواعد الختلفة التي تهم جوانب التنظيم الاجتماعي يكون قادرا على ضبط سلوكيات الناس بعنصري الاجبار و الجزاء , اللذان يعتبران جوهر القانون .

وظيفة القانون 
يعمل القانون على تحقيق التوازن بين مصالح الأفراد في سعيهم لاشباع حاجاتهم بما يحقق العدل و يمنع سيطرة القوي على الضعيف , كما يسعى الى التوفيق بين المصالح الخاصة و العامة , باعتبار سواسية في الحقوق و الواجبات كما يتدخل المشرع لتنظيم التوازن بين الأطراف المتعاقدة في الالتزامات التعاقدية , وتجدر الاشارة الى أن وظيفة القانون تتحدد حسب الاتجاهات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية السائدة في المجتمع , فهناك فرق في وظيفة القانون باعتبار الذهب الفردي أو الاشترتكي .
تأثر القانون بالمجتمع 
تعتبر القوانين من أهم الوسائل التي يمكن من خلالها مكافحة الفوضى و الحد منها في أي مجتمع كان , و القوانين أساسا لا تأتي من فراغ , و انما من خلال ما يكم المجتمعات من عادات و تقاليد و ثقافة و تعاليم دينية , و غير ذالك ’فكل هذه الأمور تساهم في اثراء القوانين , وفي جعلها أقرب الى الأفراد الذين تتشكل منهم المجتمعات , فهم بذالك يصيرون أثر تقبلا , واستجابة لها.

أهمية القانون بالنسبة للمجتمع 
1. حفظ الاستقرار في المجتمع , وحمايته من حالة الفوضى التي قد تحدث نتيجة لتصرفات بعض الأفراد العشوائية غير المضبوطة , والتي لا تراعي الا المصالح الشخصية بغض النظر عن مدى تضرر الآخرين .
2. توفير البيئة المناسبة للقيام بالأنشطة الاقتصادية , والاجتماعية , و الثقافية و السياحية المختلفة و التي تعبر درجات على سلم نهضة المجتمعات و ارتقائها .
3. فض النزاعات التي قد تحدث بين الأفراد أو بين المؤسسات أو بين الأفراد و الؤسسات , و بطريقة تحفض حقوق الجميع ولا تضيعها .
4. تنظيم الشؤون الحياتية المختلفة للأفراد , وتنظيم عمليتي نيل الحقوق , و تأدية الواجبات .
5. الحفاظ على الممتلكات العامة , و الثروات المهمة من الضياع , و السرقة و النهب و أنواع الاعتداءات المختلفة و التي قد تنتج عن سوء تصرف بعض أفراد المجتمع .

المقصود بالمدخل لدراسة القانون الوضعي  
أولا المقصود بالقانون الوضعي : هو مجموعة من القواعد القانونية النافدة في اقليم دولة معينة فالقانون الوضعي المغربي هو مجموعة القواعد المطبقة حاليا فوق التراب المغربي , الصادرة عن الجهات المختصة و السارية المفعول في المغرب و يبقى القانون الوضعي جزءا من علم القانون , و تكون محددة سابقا بحيث يتمكن الأفراد من تنظيم سلوكهم وفق تلك القواعد .

ثانيا المقصود بالمدخل لدراسة القانون الوضعي : دائما يتم التمهيد لمقدمة لدراسة موضوع معين , والقانون الوضعي له مدخل لدراسة القانون أو علم أصول القانون أو مقدمة القانون . باعتبار أن القاعدة القانونية تسعى الى تنظيم حقوق الأفراد والواجبات الملقاة عليهم سواء بعضهم ببعض أو اتجاه السلطة العامة , فالقانون هو الذي ينشئ الحقوق و ينظمها و يبين مداها ونطاقها و بذلك تظهر العلاقة الوثيقة بين الحق و القانون .

تعريف القاعدة القانونية و بيان خصائصها و تقسيماتها و أنواعها 

القانون يشكل مجموعة من القواعد الملزمة التي تأطر سلوك الأفراد و توفق بين مصالحهم و يتحدد في الزمان و المكان و يطلق عليه القانون الوضعي , و هو مجموعة من القواعد القانونية الني تخص بلد معين في زمن معين . و القاعدة القانونية هي قاعدة سلوكية , عامة و مجردة , اجتماعية , مقترنة بالجزاء .

تعريف القاعدة القانونية 
القاعدة القانونية هي الوحدة التي يتكون منها القانون في مجموعة , أو هي حكم عام ينظم الحياة العملية للأفراد و الجماعات و تقرر العقاب المناسب على من يخالفها .
و القاعدة القانونية تعتبر مصدرا للالتزام , فالقانون ينشء مجموعة من الالتزامات , الى جانب مصادر الالتزام الأخرى و هي العقد و الارادة المنفردة و العمل الغير المشروع و الاثراع بلا سبب , و يعرف الفقه القاعدة القانونية على أنها مبدأ قانوني غائي يستهدف تنظيم السلوك الانساني و توجيهه توجيها عاما و ملزما وفق نظام اجتماعي يتوافق مع الغايات و الأهداف الترسبة في الضمير الجماعي .

خصائص القاعدة القانونية 

أولا. القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية 
القانون ظاهرة اجتماعية , لها علاقة مباشرة بالمجتمع و تنظيم الحقوق و الواجبات , رغم أنه حاليا تم احتكاره من طرف الدولة نظرا للتطور السيلسي المعاصر , حيث أن القاعدة القانونية وجدت قبل الدولة في القبائل و العشائر , كما أنها تعبر عن مراحل التطور المجتمعي , فالقاعدة القانونية في الدول الرأسمالية نفسها في الدول الاشتراكية , وهي ليست نفسها في الدول الاسلامية , و القانون من العلوم الاجتماعية فهو يتأثر بالعنصر البشري و السياسة المتبعة في المجتمع , لذلك عند دراسة القاعدة القانونية لابد من فهم العلوم ذات الصلة بالمجتمع مثل الاقتصاد و الدين و السياسة و غيرها .

ثانيا. القاعدة القانونية قاعدة عامة و مجردة 
يعني ذلك أنها تسري على جميع الأشخاص المخاطبين بها و على جميع الوقائع التي تدخل في مضمونها , فهي أولا لا تتوجه بأوامرها و نواهيها ألى شخص معين بالذات ولا تعالج واقعة بعينها , ثانيا كونها عامة لايعني ذلك أنها تسري على كل الأشخاص في المجتمع بل قد ينصرف حكمها الى طائفة معينة ما دام يتوجه الى أفراد هذه الطائفة بصفاتهم لا بذواتهم .

ثالتا. القاعدة القانونية قاعدة غائية 
غائية مشتقة من كلمة غاية , والغاية هو سلوك الأفراد , لذلك تتوجه القاعدة القانونية بأحكامها و مفتضياتها الى سلوك الأفراد و خصوصا السلوك الخارجي للفرد , فهي قاعدة سلوكية لا تتجه ألى نواياه و مشاعره و خواطره مثل الكراهية و الحقد رغم أنها مخالفة للأخلاق و المثل العليا . فالقانون يبقى بعيدا عنها لكنه يتدخل عندما تصبح وقائع مادية .

رابعا. القاعدة القانونية قاعدة ملزمة 
يعني ذلك أن القاعدة القانونية تقوم على الجزاء الذي يناط بالسلطة العامة في المجتمع توقيعه على من يخالف أحكامها , فاليلطة التشريعية تضع القاعدة القانونية و السلطة التنفيدية تسهر على فرض احترامها من خلال ايقاع الجزاء و العقوبة على من خالفها , فانضباط الأفراد و استقرار المجتمع لا يتصور خارج اطار القاعدة الملزمة .

تعريف الجزاء 
الجزاء هو الأثر المترتب على مخالفة القاعدة القانونية , و الغرض منه هو الضغط على ارادة الأفراد حتى يمتثلوا لأوامر القانون و نواهيه , لأنه اذا كان القانون يهدف الى كفالة الأمن و الاستقرار في المجتمع , فان هذا الغرض لن يتحقق اذا تركنا للأفراد حرية احترام القاعدة القانونية أو عدم احترامها .فلولا الجزاع لكانت القاعدة القانونية عبارة عن نصائح و ارشادات غير ملزمة , لكن هذا لا يعني أن الناس لا يحترمون القاعدة القانونية الا لتوفر الجزاء , بل ان الكثير من الناس يمتثلون لها شعورا منهمخ بأهمية سيادة القانون داخل المجتمع , فذلك من مصلحة الجميع , فالجزاء ينقل القاعدة القانونية من مرحلة السكون الى مرحلة الحركة عندما يتم مخالفة أحكامها .

تطور الجزاء 
حتى يصل الجزاء الى الصورة التي هو عليها الآن , مر بالعديد من المراحل عبر العصور المختلفة فقد عرفت المجتمعات البشرية الأولى مرحلة كان الجزاء فيها متروكا بيد الأفراد حيث ينتقم كل فرد لنفسه بنفسه , تشد أزره أسرته أو عشيرته , ولهذا تميزة هذه المرحلة بالصراع الدموي حيث كان الانتقام الفردي يمارس بغير حدود و كانت الغلبة في النهاية للأقوى بغض النظر عن كونه صاحب حق أم لا . حاليا حلت محل ذلك الجزاءات الحديثة التي أصبح الأمر فيها معقودا بيد السلطة العامة , فأصبحت الدولة هي وحدها صاحبة الحق في توقيع الجزاء على كل من ينتهك حرمة القانون .

خصائص الجزاء 
السلطة العامة تحتكر توقيع الجزاء نظرا لما تتوفر عليه من وسائل مادية و معنوية و حفاظا على النظام العام من الفوضى , الا في استثناءات قليلة تجعل الأفراد يمارسون القضاء الخاص أو العدالة الخاصة وهي حالات ضيقة و محددة بنص القانون .
1. الدفاع الشرعي الفصل 124 من القانون الجنائي ’’ لا جناية ولا جنحة اذا كانت الجريمة استلزمتها ضرورة الدفاع عن النفس بشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع خطورة الاعتداء ’’
2. الحق في الحبس , وهو حبس مستحق للمدين من طرف الدائن حتى يسدد دينه .
3. الدفع بعد التنفيذ , وهو الامتناع عن تنفيذ التزام ما دام الطرف الآخر لم يلتزم .
4. قطع جدور الأشجار الممتدة من أرض الجار أو الاستفادة من ثمارها .
5. التحكم , اتفاق طرفين عل جهة معينة للتحكم في حالة نزاع محتمل و يكتب و يوقع .

أنواع الجزاء 

الجزاء الجنائي : وهو أقسى أنواع الجزاء باعتباره يتعلق بقواعد القانون الجنائي و تأتي قسوة هذا الجزاء لأنه يفرض لمصلحة المجتمع و المصلحة العامة , و يندرج من الاعدام الى السجن , الحبس , الاعتقال أو الاقامة الجبرية و الغرامات المالية أو المصادرة أو التجريد من الحقوق المدنية و السياسية وهو يتقرر حسب خطورة الفعل الجرمي المرتكب , و الجزاء الجنائي توقعه الدولة تأكيدا لسلطانها و تحقيقا لهذفها العم الذي تسعى الى تحقيقه و هو حماية الأمن و النظام داخل المجتمع .

الجزاء المدني : يقع عند الاعتداء على الملك الخاص و تؤطره قواعد القانون المدني .
1. التنفيذ العيني : وهو الزام المدين بتنفيذ ما التزم به عندما يكون ذلك ممكنا مثل تسليم وديعة الى المودع أو تسليم طفل الى حاضنه الشرعي .
2. التنفيذ بمقابل : في حالة العجز عن التسديد يتم التعويض نقدا بما يعدل ما لحق الدائن من خسارة أو ما فاته من كسب .
3. الفسخ : عندما يخل أحد الطرفين بالبنود المتفق عليها يتم الفسخ .
4. البطلان : يتم البطلان اما بسبب عدم وجود تراضي بين الطرفين او سبب غير مشروع للعقد .
5. الابطال :  يتطلب العقد لتكوينه أركانا أساسية هي التراضي و المحل و السبب و أن يكون خاليا من عيوب الارادة أو الغلط أو الغبن أو التدليس أو الاكراه وفي حالة غياب أحد هذه الأركان يتم الابطال مع الأثر الرجعي و يعتبر العقد كأن لم يكن .

الجزاء الاداري أو التأديبي : الذي يوقع على موظفي الدولة و العملين بها نتيجة مخالفتهم لقواعد العمل الوظيفي . و الغرض من الجزاء الاداري هو ضمان حسن سير العمل بالمرافق العامة في الدولة , و حسن تأدية موظفي الدولة لأعمالهم بوجه عام . فالموظف يخضع لقوانين الوظيفة العمومية و لكن مهنة هيئات مهنية توقع العقوبة على المخالفين حيث يختلف العقاب حسب درجة الخطأ من انذار توبيخ اقتطاع وقف فصل نقل حرمان من معاش .

تميز القواعد القانونية عن قواعد السلوك الاجتماعي الأخرى 

أولا: التميز بين القاعدة القانونية و قواعد العادات و المجاملات 
قواعد العادات و المجاملات شرع الناس على اتباعها و أصبحت سارية و تعطي مظهرا اجتماعيا للمجتمع لكنها غير مكتوبة و تصدر بعفوية عكس القاعدة القانونية التي تكون مكتوبة و صادرة عن جهات مختصة, كما أن الجزاء في القاعدة القانونية يكون ماديا ملموسا بينما هنا نجد الجزاء عبارة عن استنكار الناس و احتقارهم لمن خالف هذه القواعد و تجميد العلاقات الاجتماعية معه , لاكن بمكن أن نرتقي الى القاعدة القانونية عندما يرى المشرع ضرورة لذالك مثل منع التدخين بالأماكن العمومية .

ثانيا: التميز بين القاعدة القانونية و قواعد الأخلاق 

أولا من حيث نطاق كل منهما : ان الأخلاق أوسع نطاقا من القانون , فقواعد الأخلاق تعنى ببيان واجبات الفرد سواء تجاه خالقه , أو نفسه , أو تجاه غيره من الأفراد , أما قواعد القانون فالأصل أنها لا تهتم الا بأعمال و تصرفات الأفراد ذات التأثير المباشر على حياة المجتمع , أي تقتصر فقط على بيان واجب الشخص اتجاه الغير .

ثانيا من حيث الشدة : تعتبر القواعد الأخلاقية أكثر تشددا من القواعد القانونية , فاذا كانت القواعد القانونية ترمي في اطار تنظيم المجتمع و استمراره لمراعاة مبدأ المصلحة و النفع العام فانها ستقبل في كثير من الأحيان بأمور لا يمكن للقواعد الأخلاقية أن تقبلها طالما أنها تهدف الى تحقيق السمو بالفرد و الوصول به الى الكمال .

ثالتا من حيث المؤيد أو الجزاء : يترتب على مخالفة كل من قواعد القانون و قواعد الأخلاق جزاء , الا أن طبيعة هذا الجزاء مختلفة فالجزاء بالنسبة للقاعدة القانونية جزاء مادي محسوس تتولى السلطة العامة توقيعه جبرا بما تملكه من وسائل الاكراه و القسر , و هذا بخلاف الجزاء في القاعدة الأخلاقية , حيث يقتصر المؤيد أو الجزاء على مجرد تأنيب الضمير و الوجدان الفردي أو استنكار الضمير الجماعي العام دون تدخل من السلطة العامة .

ثالتا : التميز بين القاعدة القانونية و قواعد الدين 
الدين أكثر شمولا من القانون , اذ يدخل في مضمونه القواعد التي تحدد علاقة الانسان نحو خالقه أو نحو نفسه , أو نحو غيره من الأشخاص . بينما يقتصر القانون بصورة أساسية على قواعد المعاملات . الا أن هذا لا يعني أن قواعد القانون لا تمتد أحيانا لتشمل بعض شؤون العبادات .فالقانون يكفل ممارسة الشعائر الدينية , و يمنع أي اعتداء عليها.

أولا من حيث الجزاء : الجزاء في القاعدة الدينية جزاء مزدوج دنيوي و أخروي , فالله سبحانه يوقع الجزاع في الاخرة بينما ولي الأمر يوقعه في الدنيا ، بينما في القاعدة القانونية فهو جزاء مادي دنيوي فقط . على أنه قد يقوم المشرع بصياغة مجموعة من القواعد الدينية في قواعد قانونية ، تصبح هذه القواعد ملزمة بالجزاء ولكن ليس باعتبارها قواعد دينية بل باعتبارها قواعد قانونية .

ثانيا من حيث المصدر : مصدر القواعد الدينية مصدر سماوي بينما القاعدة القانونية من صنع البشر ووضع البشر حيث تتكفل السلطة التشريعية بسن القوانين و تتكفل السلطة التنفيذية بتنفيذها .

ثالتا من حيث النطاق : قواعد الدين أوسع نطلقا من من القاعدة القانونية و ذلك لسعة دائرة الدين و ضيق دائرة القانون ، فقواعد القانون لا تهتم الا بتنظيم فئات معينة من الروايط الاجتماعية ، بينما قوتعد الدين تشارك قواعد القانون في تنظيم الروابط الاجتماعية بين الأفراد تنظيما موضوعيا كما في قواعد المعاملات و العبادات و الأخلاق و المروءة و قواعد الأحوال الشخصية . كما أن للقواعد الدينية لها تأثير كبير على القوانين الوضعية في الدول الاسلامية .

رابعا من حيث الاهتمامات : الدين يهتم بالنوايا و المقاصد ، أما القانون فيهتم أساسا بالسلوك الخارجي فهو لا يعتد بالنوايا في ذاتها الا اذا ظهرت الى حيز الوجود في شكل سلوك رتب آثارا قانونية معينة.

خامسا من حيث الأهداف : تهدف قواعد الدين الى الرقي بالانسان ، و تربيته تربية مثالية نقية ، لذلك فهي تأمر بالمحبة و التراحم و التعاطف و تقديم المساعدة عند الشدائد و عدم الكطب أيا كان نوعه أو نتيجته . أما القانون فيهدف الى اقامة النظام في المجتمع و تحقيق العدل و المساواة وفقا لمعاير واقعية ، فعلى سبيل المثال القانون يحارب السلوك العين اذا بلغ حدا من الخطورة يهدد النظام العام في المجتمع .

أنواع و تقسيمات القاعدة القانونية 

أولا : القاعدة القانونية من حيث صفة المخاطبين بها 

التميز بين قواعد القانون العام و قواعد القانون الخاص 
التميز بينهما نتيجة عارضة لسلسلة من الوقائع و الأحداث التي عند تجميعها ساهمت في ظهور هذا التصنيف الذي أصبح كلاسيكيا، و يرده البعض الى عهد الرومان فيما يرجعه الآخرون الى الصراع بين المذهبين اللبرالي و الاشتراكي .

أهمية تقسيم القانون الى عام و خاص 
1. يضمن القانون العام للسلطلت العديد من الامتيازات التي لا يتيحها القانون الخاص ، حيث يتيح للدولة اللجوء الى يعض الوسائل لتحقيق المصلحة العامة ، مثل فرض الضرائب ، الخدمة العسكرية .
2. يعطي الدولة الحق في تعديل أو الغاء العقود الادارية ، بما يتناسب مع الصلحة العامة ، حيث يتم أي تعديل في الشروط بموافقة الطرفين ، أو المطالبة بتعويض و الغاء العقد .
3. يهدف القانون العام الى تحقيق المصلحة العامة ، بينما يهدف القانون الخاص لتحقيق الأهداف الخاصة ، و لذلك يتم النظر في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها من اختصاص القضاء الاداري ، بينما تكون الدعاوي من اختصاص القضاء العادي .

التميز بين القانون العام و القانون الخاص 

الفرع الأول : المعيار المستند الى الغاية التي تستهدفها القاعدة القانونية ( المعيار الوظيفي )
المعيار الوظيفي أو المعيار المستند الى الغاية أو المصلحة معيار قديم يجد جدوره في القانون الروماني ، فالقانون العام يسعى الى تحقيق المصلحة العامة بينما يسعى القانون الخاص الى تحقيق المصلحة الخاصة ، لكن هذا التعريف يبقى تعريفا منتقدا حيث أن قوانين الزواج و الطلاق تبقى مصلحة عامة للمجتمع ، كما أنه لا توجد حدود فاصلة واضحة بين المصلحة العامة و الخاصة .

الفرع الثاني : معيار القواعد الآمرة و القواعد المكملة 
قواعد القانون العام قواعد آمرة في حين قواعد القانون الخاص مكملة ، فالقواعد الآمرة هي التي لا يجوز للأشخاص الاتفاق على مخالفتها بينما يمكن ذلك في القواعد المكملة ، لكن هذا المعيار غير دقيق على اعتبار أن قواعد القانون الخاص بدورها آمرة مثل قواعد تنظيم الزواج و الطلاق و الارث.

الفرع الثالت : معيار الدولة كطرف في العلاقة محل التنظيم 
بهذا المعيار يمكن القول أن قواعد القانون العام تنظم العلاقات القانونية التي تكون فيها الدولة أو أحد هيئاتها طرفا فيها ، في حين تنظيم قواعد القانون الخاص العلاقات القانونية بين الأشخاص سواء طبيعين أو معنويين مثل الجمعيات و الشركات .

الفرع الرابع : معيار الدولة بوصفها صاحبة السيادة في العلاقة 
هذا المعيار يبقى سليما لأنه يضع نصب عينيه اتساع دائرة اهتمامت الدولة و مجال تدخلها ذلك أنها يمكن أن تتعاقد بوصفها شخصا عاديا عندما تهدف الى اشباع حاجة خاصة مستعملة تقنيات القانون الخاص و تكون هنك مساواة بينها و بين المتعاقد ، هذه العلاقة يحكمها القانون الخاص ، أما عندما تريد الدولة اشباع رغبة عامة فانها تستعمل وسائل غير عادية باعتبارها صاحبة السيادة و السلطان فتستعمل امتيازاتها و امكانياتها التي يسخرها لها القانون و تكون في موقع السيطرة و التحكم بدل المساواة مع المتعاقد مثل نزع ملكية خاصة من أجل منفعة عامة و هنا تخضع لقواعد القانون العام .

الفرع الخامس : المعيار المستند الى جزاءات القواعد القانونية و طرق التنفيد ( المعيار الشكلي ) 
هو فارق تقني يتجلى في كون قواعد القانون الخاص لابد تأييدها بالقضاء لتمكين أصحابها من حقوقهم ، بينما قواعد القانون العام فيتم تنفيذها من غير تدخل القضاء .
يبقى أن أفضل معيار للتفرقة بين القانون العام و الخاص هو الذي يجعل من القانون العام الذي يحكم العلاقات المتصلة بحق السيادة أو بتنظيم السلطة مثل القانون الدستوري مثلا ، أما العلاقات القانونية غير المتصلة بهذا الحق فيحكمها القانون الخاص حتى لو كانت الدولة طرفا في العلاقات القانونية ما دامت لا تظهر بوصفها وحدة سياسية أو بصفتها سلطة عامة .

القانون العام : مجموعة القواعد القانونية التي تنظم السلطات العامة في الدولة و تحكم العلاقات القانونية التي تكون الدولة طرفا فيها باعتبارها صاحبة سيادة و سلطان ونفوذ .

القانون الخاص : مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الأشخاص القانون الخاص أو بين هؤلاء و بين الدولة لكن ليس باعتيارها صاحبة سيادة و سلطان بل باعتيارها شخصا قانونيا معنويا عاديا يتصرف كما يتصرف الأشخاص العاديون .

نتائج التفرقة بين بين قواعد القانون العام و الخاص 

أولا : قواعد القانون العام أغلبها قواعد آمرة لا يجوز الخروج عليها أو الاتفاق على مخالفتها ، أما قواعد القانون الخاص فتمتاز بأنها تكاد تكون في أغلبها قواعد مكملة يجوز الاتفاق على استبعاد حكمها بحكم مخالف .

ثانيا : يخول القانون العام لأجهزة الدولة و الادارة امتيازات و سلطات بغرض تحقيق المصلحة العامة ، لاكن لا يعني ذلك التضحية بحقوق الأفراد و حرياتهم ، فهذه السلط و الامتيازات ليست مطلقة بل ان الادارة تخضع في تصرفاتها للقانون الذي يحدد هذه الامتيازات بدقة ، و يحق للأفراد مقاضاة الادارة في حالة مخالفتها لضوابط القانون .

ثالتا : لا يجوز التصرف في الأموال العامة أو تملكها أو حيازتها أو الحجز عليها ، فالمشرع عمل على تقرير حماية خاصة للمال العام ضد كل تعطيل أو اعتداء أو اضرار بمنافع عامة بواسطة قوانين جنائية صارمة ، هذه الأموال العامة تخضع لأحكام خاصة و متميزة بحيث تتمتع بحماية أكثر من تلك الحماية المقرر لأموال الخاصة ، و تعتبر ديونا ممتازة تستوفي بالأسبقية عند تزاحمها مع ديون خاصة .

رابعا : احداث جهة قضائية مستقلة عن القضاء العادي للنظر في المنازعات التي تكون الدولة أو أحد أشخاص القانون العام طرفا فيها و هي المحاكم الادارية .

ثانيا : القاعدة القانونية من حيث الالزام فيها

تهدف القاعدة القانونية الى تنظيم مصالح الفرد داخل المجتمع ، و بما أن هذه المصالح مختلفة فضروري أن تختلفة القاعدة القانونية ، فمصالح الدولة مثلا تتدهور فيها مصالح الأفراد .

يمكن تقسيم القاعدة القانونية من حيث قوتها الالزامية الى قواعد آمرة ، و قواعد مكملة .

القواعد الآمرة 
هي التي لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفة أحكامها أو التهرب من مضمونها و كل اتفاق على ذلك يعد باطلا ، على اعتبار أن القاعدة الآمرة تنظم مصالح أساسية و جوهرية بالنسبة لكيان المجتمع و استمراره ، بكل بساطة هي القواعد التي لا تترك أي خيار للمخاطبين بها ، فهي قواعد واجبة الاتباع في جميع الأحوال و هي تمثل الارادة العليا للمجتمع في تقنين نشاط ما على نحو ما .

القواعد المكملة أو المفسرة 
هي تلك القواعد التي لا يجوز الاتفاق على مخالفة مضمونها و يكون اتفاقهم صحيحا نظرا لتعلقها بمصالحهم الخاصة ، بعبارة أخرى هي تلك القواعد التي تطبق على الأفراد ما لا يتفقوا على مخالفتها نظرا لعدم اتصالها بمقومات المجتمع أو كيانه السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي بل ترتبط فقط بمصالح الأطراف المتعاقدة و العقد قانون المتعاقدين .

معايير التميز بين القواعد الآمرة و المكملة 

الفرع الأول : المعيار اللفظي أو المادي 
1) الألفاظ الدالة على الصفة الآمرة : اذا استعمل المشرع ألفاظا تدل على الأمر أو النهي ، نكون أمام قاعدة آمرة كما هو الشأن بالنسبة لألفاظ باطلة ولا يجوز و يسأل ، كل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر .

2) الألفاظ الدالة على الصفة المكملة : تعتبر القاعدة القانونية مكملة اذا كانت الألفاظ التي استعملها الشرع لمخاطبة الملزمين بأحكامه تفيد جواز اتفاق الأفراد على مخالفة أحكامها مثل ما لم يمنح حذا الحق بمقتضى الاتفاق و ما لم يشترط غير ذلك ، و ما لم يقضي الاتفاق بخلافه .

الفرع الثاني : المعيار الموضوعي أو المعنوي 
قد لا تسعف العبارات للتعرف على القاعدة القانونية هل هي آمرة مكملة ، فأنداك نلتجئ الى المضمون فاذا تعلقت بالنظام العام أو الآداب و الأخلاق العامة كنا أمام قاعدة آمرة ، فالقاعدة الآمرة وفق هذا المعيار ليس بالنظر الى ألفاظها و عباراتها ، و انما بالنظر لموضوعها فهي تحمل موضوعا له علاقة مباشرة بالنظام العام . و يقصد بالنظام العام مجموع المصالح الأساسية لمجتمع ما ، سواء كانت هذه المصالح سياسية أو أخلاقية أو اقتصادية أو اجتماعية .فكل قاعدة تحمل بين طياتها موضوعا له صلة بالمصلحة الأساسية للمجتمع في الجانب الأخلاقي أو الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي تعتبر قاعدة آمرة .

فروع القانون الوضعي 

فروع القانون العام 

القانون العام هو الذي يحكم العلاقات الداخلية أو الخارجية التي تكون الدولة طرفا فيها بوصفها صاحبة السيادة و السلطان .

الفقرة الأولى : القانون العام الخارجي أو القانون الدولي العام 
هو مجموعة من القواعد التي تنظم علاقة الدول بعضها ببعض و تحدد الحقوق و الواجبات لكل منهما في حالة السلم أو الحرب و كذا علاقة الدول مع المنظمات العالمية .

الفقرة الثانية : القانون العام الداخلي 
و هو مجموعة من القواعد التي تحدد كيان الدول و تسعى الى تنظيم علاقاتها بالمجتمع و علاقات الهيئات العامة ببعضها و علاقتها مع الأفراد .
يضم القانون العام الداخلي القانون الدستوري القانون الاداري القانون المالي .

1) القانون الدستوري : هو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم شكل الدول و نظام الحكم فيها و العلاقة بين سلطات الدولة الثلات التشريعية و التنفيذية و القضائية و اختصاصاتها و علاقة هذه السلطات مع أفراد المجتمع .

2) القانون الاداري : هو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم نشاط السلطة التنفيذية في النشاط الاداري و توضح كيفية أدائها لوظيفتها و علاقتها بالمواطنين ، فهو يهتم بتنظيم الجهاز الاداري و تحديد الخدمات العامة التي تتولاها الدولة و تسيير المرافق العامة و تنفيذ الخدمات الاجتماعية الأساسية كما ينظم العلاقات بين الادارة المركزية و الادارة المحلية في الأقاليم.

3) القانون المالي : يتولى القانون المالي بتنظيم الجانب المالي للدولة ، حيث له صلة بعلم المالية العامة و ذلك بتوضيح الموارد مثل الضرائب و الرسوم و كيفية استخلاصها و طريقة انفاقها و ميادين الانفاق كما يحدد الميزانية السنوية للدولة و يراقبها في مسألة تنفيذها .

فروع القانون الخاص 

يقصد بالقانون الخاص مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقة بين الأفراد ، أ بينهم و بين الدولة حين تتدخل بوصفها شخصا عاديا و ليس بوصفها صاحبة سيادة ، ومن أهم فروع القانون الخاص نجد القانون المدني ، القانون التجاري ، قانون الشغل ، القانون البحري ، القانون الجوي .

الفقرة الأولى : القانون المدني
يعد أصل القانون الخاص ، أما الفروع الأخرى كالقانون التجاري و قانون الشغل فهي منبثقة عنه و ذلك نظرا لأن حاجة الناس اقتضت وجود أحكام و قواعد مستقلة عن القانون المدني . فهو اذن يهتم بتنظيم الروابط الخاصة بين الأفراد سواء تعلق الأمر بالأحوال الشخصية أو المعاملات المالية .

1. روابط الأحوال الشخصية :  و يقصد بها القضايا المتعلقة بتنظيم الأسرة من زواج و طلاق و ارث و نسب .
2. روابط الأحوال العينية :  و يطلق عليها المعاملات المالية .

القانون المدني هو أحد أهم فروع القانون الخاص و ينظم العلاقات التي تنشأ بين الأشخاص لا يظهر أيهم بصفته صاحب سيادة . و القانون المدني هو القانون الذي ينظم الروابط القانونية المالية فيما عدا ما يتعلق منها بالتجارة .

الفقرة الثانية : القانون التجاري 
انبثق من القانون المدني ، موطنه هو الوسط التجاري ، فهو اذن فرع من فروع القانون الخاص يضم مجموعة من المبادئ القانونية التي تهم الأنشطة التجارية و التجار وهو قانون تبادل الثروات و خلقها و توزيعها في حين يبقى القانون المدني هو قانون المحافظة على الأموال و الثروات ، القانون التجاري يوضح حقوث التاجر و التزاماته و ينظم الأصل التجاري و كذا الأوراق التجارية مثل الشيك و التوصيل و السندات و ينظم السمسرة و الوكالة بالعمولة و الاتمان التجاري و عقود النقل و العقود البنكية كما يهتم بالمقاولات التي تعاني مشاكل مالية و يتميز عن القانون المدني بالسرعة و الائتمان .

الفقرة الثالتة : قانون الشغل 
يعرف بالقانون الاجتماعي و هي القواعد القانونية التي تنظم علاقات العمل الفردية و الجماعية الناشئة بين المشغلين و من يعملون تحت امرتهم مقابل أجر و كذلك القواعد التي تحكم الضمان الاجتماعي .

الفقرة الرابعة : القانون البحري 
محوره هو السفينة ، نشاطها ، دورها في الملاحة ، بيعها ، شحنها ، التأمين عليها ، و أنشطتها سواء نقل الأشخاص أو البضائع ، كما ينظم دور البحارة و مالك السفية و الربان ، و يقنن التصادم البحري و تعويض الخسائر ، صدر سنة 1919.

الفقرة الخامسة : القانون الجوي 
محوره هو الطائرة ، فهو ينظم الملاحة الجوية و استعمال المركبات الجوية و حركتها ، ملكيتها رهنها بيعها الحجز عليها ، نقل البضائع أو الأشخاص و كذلك التصادم الجوي و التأمين و التعويض و قانونية التحليق في المجال الجوي آخر تعديل كان سنة 1970.

فروع القانون المختلطة 

أولا : القانون الدولي الخاص 
القواعد القانونية التي تحكم الروابك الخاصة ذات العنصر الأجنبي بين الأفراد ، و هو يتناول قضايا الجنسية و الموطن و مركز الأجانب كما يقوم بتحديد الاختصاص القضائي لمحاكم الدولة و هو قانون داخلي ، و احالة القضايا المشوبة بعنصر أجنبي الى محكمة مختصة عن تداخل المشاكل بين جنسيات ثم الحسم في القانون الواجب التطبيق هل القانون الوطني أم القانون الأجنبي .

ثانيا : القانون الجنائي 
يضم قواعد موضوعية و أخرى اجرائية ، فالقانون الجنائي بالمفهوم الموضوعي يحدد أفعالا يعتبرها جرائم و يضع لها عقوبات و ينضوي تحت هذا المفهوم القانون الجنائي العام و الخاص ، و عليه فالقانون الجنائي يقوم بتحديد أفعال يعتبره جرائم ثم يضع لها عقوبات و يحدد شروط المسؤولية الجنائية و أسباي الاعفاء و ظروف التشديد أو التخفيف .و هو يهدف الى حماية الأفراد و حرياتهم و يرتكز على مبدأ جوهري و أساسي و هو مبدأ الشرعية : ( لا جريمة ولا عقوبة الا بنص ) 

ثالتا : قانون المسطرة المدنية 
يعرف بالقانون القضائي الخاص ، يشمل القواعد القانونية التي تنظم المحاكم العادية و اختصاصاتها و كيفية رفع الدعوى و طرق تنفيذ الأحكام و كيفية الطعن فيها .

مصادر القانون و نطاق تطبيق القاعدة القانونية 

مصادر القانون 

المصادر الأصلية للقاعدة القانونية 
المصادر الأصلية هي اساس القاعدة القانونية وهي التشريع ، العرف ، مبادئ الشريعة ، ثم مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة .

أولا : التشريع 
 التشريع هو مجموعة القواعد العامة المجردة الملزمة الصادرة عن السلطة العامة المختصة في الدولة التي تبيح أو تحظر أو تنظم حق أو مجموعة حقوق. بعبارة أخرى هو كل قاعدة قانونية تصدر عن السلطة المختصة في وثيقة مكتوبة. وتتدرج أنواع التشريعات في أهميتها وقوتها حسب الدور الذي تلعبه في تنظيم الحياة الاجتماعية ؛ ومن مظاهر هذا التدرج خضوع البعض منها للبعض الآخر. يترتب على تدرج التشريعات في القوة، وجوب تقيد كل صورة من صور التشريع بالصورة التي تعلوها، فالتشريع الأساسي أو الدستور يعلو على كل من التشريع العادي الصادر عن البرلمان والتشريع الفرعي الصادر عن الحكومة، والتشريع العادي يعلو على التشريع الفرعي.

الفقرة الأولى : المقصود بالتشريع 
التشريع يدل في الأصل على مصدر و أصول الشرع المستند فيها إلى أحكام الشريعة الإسلامية، ويطلق مصطلح الشريعة لدى الفقهاء على كافة الأحكام الشرعية التي فرضها الله عز وجل على عباده من خلال أحد رسله، وسميت هذه الأحكام بالشريعة الاستقامتها وصحتها ودقتها، حيث لا مجال للخطأ فيها، واشتق مصطلح التشريع من الفعل شرع بمعنى قام بإنشاء الشريعة، ويعني العمل على سن القواعد وبيان الأحكام والنظم وهذا ما جاء جليا في قوله تعالى "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا."

الفقرة الثانية : تعريف التشريع 
يقصد به كل قاعدة مكتوبة صادرة عن السلطات العامة المختصة وفقا لنصوص الدستور ، وهو القواعد القانونية الصادرة عن البرلمان وهو التشريع العادي . وله تعريف آخر يقصد به القواعد القانونية التي تضعها سلطة مختصة يمنحها الدستور هذه الصلاحية كالتشريع الضريبي مثلا أو التشريع العقاري .

الفقرة الثالتة : أهمية التشريع 
 التشريع هو أهم المصادر الرسمية للقانون و إن كان العرف هو أقدم مصادره، حيث كان في المرتبة الأولى كمصدر للقانون وقتا طويلا أما التشريع فكان تواجده ضئيلا أو شبه منعدم إلا أنه في خضم التطورات التي وقعت للمجتمعات وتقدم البشرية و اتساع نطاق العلاقات الاجتماعية وكثرتها وتشابكها و رسوخ فكرة الدولة أدى بالتشريع إلى أخذ الصدارة باعتباره مصدرا سريعا من حيث الوضع والصياغة يستطيع أن يقوم بالدور الذي يلعبه العرف وأكثر دقة وفاعلية.

الفقرة الرابعة : خصائص التشريع 
ـ شكل مكتوب مما يسهل الرجوع إليه ويكون واضحا كما يسهل إثبات وجوده واطلاع الناس عليه النشره في الجريدة الرسمية .
ـ العمومية والتجريد : وهي نفس خصائص القاعدة القانونية فالتشريع الذي يصدر لشركة معينة لتنقب
عن النفط لا يعتبر تشريعا نظرا لانتفاء صفة التجريد والعمومية لكن من حيث الشكل يمكن اعتباره قانونا لصدوره وفق الشكلية والروط المتبعة .
ـ يحقق الوحدة التشريعية للدولة لأنه يصدر عن جهة مخولة بنصوص الدستور حيث يسهل وضعه وتعديله والغاؤه .
ـ يصدر عن سلطة عامة مختصة فالتشريع لا يتكون تلقائيا دون تدخل إرادة بصيرة واعية بل تتولى وضعه وصياغته سلطة عامة مختصة في الدولة .
الفقرة الخامسة : عيوب التشريع 
ـ يفتقد للتلقائية حيث يصدر من جهة مختصة ربما لا تكون على دراية بالعرف السائد وبالتالي لا يعبر عن حاجات الجماعة ولا يراعي خصوصيتها .
ـ جامد وصلب ، بما أنه يعتمد على عملية التقنين وكذلك سهولة تعديله التي تخل باستقرار المعاملات وتزيد من صعوبة الأفراد في الإطلاع على القوانين مما يؤدي إلى فقدان الثقة بالقانون • يتحول في بعض الأحيان إلى وسيلة تحكمية في يد الدولة تجعله يخدم مصالحها الخاصة عوض خدمة المصالح العامة ، كما أنه يصدر أحيانا تحت ضغوط سياسية .

الفقرة السادسة : مزايا التشريع 
ـ تدوين التشريع في وثيقة رسمية : أي صورة مكتوبة ذات عبارات و ألفاظ محددة حيث تصاغ قواعده القانونية صياغة محكمة وبذلك تبدوا هذه القواعد الأفراد المجتمع واضحة لا تثير أي منازعات بينهم ، فيعرف كل فرد ما له من حقوق و ما عليه من واجبات، حيث يسود الأمن والطمأنينة والاستقرار في المعاملات وذلك بالرجوع إلى نصوصه عند الحاجة .
ـ التشريع قانون مكتوب والذي يعتمد في قواعده علي طريقة التقنين .
ـ  وحدة القانون داخل الدولة: إذ انه عامل مهم في تحقيق الوحدة الوطنية وذلك بإلزام جميع أفراد المجتمع بتطبيقه والسير وفقه .
ـ سهولة إصدارها تعديله / إلغائه : مما يجعله يستجيب لتطور العلاقات سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية وغيرها وذلك في سن قواعد مكتوبة تتلاءم وأوضاع المجتمع الجديد.

أنواع التشريع 

الفقرة الأولى : التشريع الأساسي 
يأتي الدستور على هرم التشريعات في الدولة باعتباره اسمى القوانين وأعلاها لأنه يوضح الأسس الجوهرية لكيان الدولة ونظامها وتوزيع السلطات فيها وبيان الحقوق ، هذا في مفهومه الموضوعي أما المفهوم الشكلي فهو الوثيقة السامية التي تصدر عن السلطات المختصة ويستفتي عليها الشعب . يمكن أن نميز بين دستور مكتوب مثل المغربي وأخر عرفي مثل البريطاني وآخر مرن يمكن تعديله وأخر صلب أو جامد لا يمكن تعديله .

الفقرة الثانية : الاتفاقيات الدولية 

کل اتفاق دولي يبرم بين دول ويجري عليه القانون الدولي . فالمعاهدة الدولية هي مجموعة من القواعد القانونية المشكلة لاتفاق مبرم بين مجموعة من الدول أو بينها وبين منظمة دولية بهدف تحكيمها كقانون واجب التطبيق في العلاقات المتبادلة بينهما . نميز بين المعاهدات الثنائية أو المتعددة الأطراف أو الإقليمية أو العالمية .

الفقرة الثالتة : التشريع العادي أو القانون بالمعنى الضيق 
هو القانون الصادر عن السلطة التشريعية : البرلمان . بنص الفصل 70 من الدستور .

أولا : القاعدة العامة 
التشريع العادي هو مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية (البرلمان)، وفقا | للإجراءات التي نص عليها الدستور قصد تنظيم العلاقات بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة في جميع المجالات الاجتماعية المختلفة و التشريع العادي قد يتخذ صورة تقنينات أو مدونات تشتمل على تنظيم كامل لفرع معين من فروع القانون مثل تقنين المعاملات المدنية و تقنين العقوبات وقد يتخذ صورة تشريعات متفرقة و يأتي في المرتبة الثانية بعد الدستور . 

ثانيا : الاستثناء 
يمكن للحكومة أو الملك سن التشريعات ، فبالنسبة للحكومة هناك حالتان ، حالة الاذن من طرف مجلس النواب ويطلق عليها ايضا حالة التفويض الارادي ، حيث يسمح للبرلمان بتفويض الحكومة بإصدار القوانين لكنه يجب عرضها على البرلمان قبل سريانها للمصادقة عليها في أجل محدد . ثانيا حالة الضرورة أو العطلة البرلمانية . التشريعات ، فبالنسبة لودی ، حيث يسمح للير ل ها في أجل محد . ثانيا حالة الضرورة أو العطلة البرلمانية .

ثالتا : التشريع من طرف الملك 
هناك عدة حالات يتدخل فيها الملك للتشريع ، حل البرلمان أو أحد مجلسيه وفي انتظار إجراء انتخابات جديدة ، الحالة الثانية عند إعلان حالة الاستثناء وكانت حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية ، الحالة الثالثة يحق للملك باعتباره أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين والضامن الحرية ممارسة الشؤون الدينية وضع التشريع العادي حيث يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين والمخولة له حصريا بواسطة ظهائر.

اقرار التشريع 
يقصد به سن التشريع و المصادقة عليه ثم إصداره من قبل السلطات المختصة حيث تقوم هذه الأخيرة بوضع القانون عن طريق صياغة قواعده بشكل يتضمن الدقة و الوضوح في المعاني وفقا للإجراءات المقررة وهذا ما يعرف بسنه .

سن التشريع الأساسي 
إن الوضع الدستور أهمية بالغة بما انه يعد الركيزة الأساسية لبناء الدولة ولذلك فهو يختلف عن التشريع العادي سواء من حيث وضعه أو تعديله وتختلف الدول في إصداره حسب ظروفها السياسية ونميز حالتين : حالة الأوضاع غير الديمقراطية و حالة الأوضاع الديمقراطية .

سن التشريع العادي 
يملا وضع التشريع العادي في نوعين من الظروف هما :
ـ الظروف العادية و التي تتميز بالمراحل التالية : مرحلة الاقتراع ، مرحلة الفحص ، مرحلة الموافقة ، مرحلة الاصدار ، مرحلة النشر .
ـ الظروف الغير عادية أي الظروف التي لا يمكن معها لمجلس الأمم اصدار التشريعات اللازمة ( لاستحالة انعقاده / اتعذر انعقاده / لصعوبة و بطء الاجراءات العادية ) ، حيث يأخد وضع التشريع العادي حالتين استثنائيتين هما : حالة الضرورة و حالة تشريع التفويض .
نفاذ التشريع 
بعد صدور التشريع من الجهة المختصة يحتاج إلى إجراءات قانونية لكي يصبح قابلا للتطبيق يطلق عليها نفاذ التشريع وهومن مرحلتين : الاصدار والنشر .

مرحلة الاصدار : وهو توجيه الملك أمرا إلى الحكومة لتنفيذ القانون باعتباره صادرا من تشريعات الدولة والأصدار هو شهادة الميلاد للقانون وهو عمل تنفيذي وليس تشريعي من اختصاص الملك ويصدر الملك الأمر خلال الشهر التالي من صدور القانون والاصدار يهم الدستور والتشريع العادي والقانون التنظيمي الذي يتطلب لوحده موافقة المحكمة الدستورية للتأكد من موافقته للدستور.

مرحلة النشر : وهو وصوله إلى علم المعنيين به ، ويكون غالبا بالنشر في الجريدة الرسمية حتى لا يعذر أحد بجهله . ولا يصير القانون نافذا حتى ينشر بالجريدة الرسمية ويجب أن ينشر خلال شهر .

الرقابة القضائية على صحة التشريعات 
هذه الرقابة القضائية تتولاها المحكمة الدستورية ، حيث تعمل على مراقبة القوانين وموافقتها للدستور كما تبث أيضا في صحة انتخاب أعضاء البرلمان وعمليات الاستفتاء وتحال إليها القوانين التنظيمية قبل تنفيذها وكذلك النظام الداخلى لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين قبل تطبيقها التبث في مطابقتها للدستور .

الفقرة الأولى : الرقابة على صحة التشريعات الفرعية 
تتم بواسطة المحاكم للتأكد من عدم مخالفة هذه التشريعات للتشريعات العادية أي القوانين وكذا | الدستور سواء من حيث الشكل أو المضمون ، حيث يتولى هذه المهمة كل من القضاء العادي والاداري ، فالقضاء العادي يقوم بالرقابة عن طريق غير مباشر وتظهر في صيغة الدفع بعدم الشرعية ، فتمتنع من تلقاء نفسها عن تطبيق اللوائح أو القرارات المخالفة للقوانين العادية أو للدستور لأن عدم الشرعية متعلق بالنظام العام ، ودور المحاكم يقف عند حدود الامتناع عن تطبيق القانون المعيب شكلا أو مضمونا في النزاعات المعروضة عليها دون أن يصل الأمر إلى إلغاء هذه اللوائح غير الشرعية .

الفقرة الثانية : الرقابة على صحة التشريعات العادية أو مبدأ الرقابة على دستورية القوانين 
من حيث الشكل لا يوجد خلاف حول حق المحاكم في الامتناع عن تطبيق القانون المعيب شكلا أما من حيث الموضوع فنتحدث عن دستورية القوانين ، وهنا تتوقف المسألة على نوع الدستور هل هو دستور مرن أم جامد ، ففي حالة الدستور المرن لا تثار أي مشكلة ، فيمكن تعديل الدستور المرن بواسطة قانون عادي ، فالقانون العادي يعتبر تعديلا دستوريا ، أما في حالة الدستور الجامد فلا يمكن تعديل الدستور بقانون عادي ، فالقاعدة الدنيا لا يمكنها تعديل القاعدة الأعلى مرتبة وفي حالة التعارض تعتبر القاعدة الأدنى مرتبة باطلة وغير مشروعة .

ثانيا : العرف 
هو اعتياد الناس على اتباع سلوك معين بخصوص مسألة ما لمدة طويلة مع اعتقادهم بإلزاميته وأن مخالفته تستلزم جزاء ماديا . فالعرف والقاعدة القانونية يختلفان من حيث أن التشريع قاعدة مكتوبة صادرة عن سلطة تشريعية بينما العرف هو قاعدة قانونية غير مكتوبة وصادرة عن تعامل الناس لاشعوريا واطراد سلوكهم بخصوص مسألة معينة . والعرف هو أول مصدر للقاعدة القانونية من الناحية التاريخية حيث كان يتلاءم مع المجتمعات القديمة قبل ظهور ما يعرف بالدولة والمجتمع السياسي حيث تولد مع العلاقات الاجتماعية .

أركان العرف 

الركن المادي : وهو سلوك معين اقتضته حاجة العمل في الجماعة واعتاده الناس المدة طويلة فالركن المادي هو الاعتياد على هذا السلوك وتواتر العمل به واتباعه لكن بشروط:
ـ يجب أن يكون عاما ومنتشرا على نطاق واسع اجتماعيا أو مهنيا .
ـ يجب أن تكون العادة قديمة حيث تواتر العمل بها مدة طويلة.
ـ يجب أن يكون العمل بها مضطردا مستمرا متكررا بانتظام غير منقطع .
ـ يجب أن تكون العادة غير مخالفة للنظام العام ( الثأر مثلا) .

الركن المعنوي : وهو شعور الجماعة بإلزاميته وكل خروج عليه يترتب عنه عقوبة ، ورسوخ الاعتقاد لدى الناس بلزومیته کلزومية التشريع . ونفرق هنا بين العرف والعادة الاتفاقية ، فهذه الأخيرة لا تتوفر على الركن المعنوي فهي غير ملزمة كتقديم الهدايا في المناسبات بينما تشترك مع العرف في الركن المادي وهو العمل بها مدة طويلة وبصفة اعتيادية ومستمرة.

التمييز بين العرف و العادة الاتفاقية و آثاره 
ما يهمنا هنا هو العادة المتعلقة بالمعاملات المالية وهي تتوفر على ركن مادي فقط وهي تواتر الناس على اتباع سلوك دون شعور بإلزاميته وتعرف بالعادة الاتفاقية مثل الإكراميات في المقاهي وعدم تحميل الناقل مسؤولية تلف في البضاعة المنقولة .

نطاق العرف في فروع القانون الوضعي
في القانون المدني يكون مكملا للقوانين وايضا في القانون التجاري البري والبحري حيث يلعب العرف دورا مهما ايضا في المجال البنكي الدولي والنقل البحري . ايضا بالنسبة للقانون الدولي فأغلب قواعده أعراف دولية ، كما يوجد في القانون الدستوري أعراف دستورية وهي أعراف داخل مؤسسات الدولة كتعيين الوزير الأول من خارج الأحزاب وتم خرقه في تعيين اليوسفي 98 لكن تم الغاء هذا العرف وتعيين الوزير الأول من الحزب الذي يتصدر الانتخابات التشريعية .

ثالتا : مبادئ الشريعة الاسلامية 
 تعد الشريعة مصدرا من مصادر القانون المغربي باعتبار أن الأمة تستند في حياتها العامة إلى نصوص الشرع ، في المغرب على حسب الامام مالك . فمبادئ الشريعة تعد مصدرا للأحوال الشخصية من زواج وطلاق ووصاية ومیراث كما يعد مصدرا للعقارات الغير المحفظة وفي طور التحفيظ وقضايا الشفعة والهبة وفي بعض القوانين الجنائية والمدنية والتجارية .

رابعا : مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة 
ما دام القاضي ملزما بإصدار الأحكام في القضايا التي تعرض عليه وإلا أعتبر مرتكبا لجريمة إنكار العدالة ، وعندما يجد القاضي فراغا تشريعيا لا بد له من اللجوء إلى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة والإنصاف ، وهي مجموع القواعد التي تحكم السلوك الاجتماعي للإنسان ويكون مصدرها الالهام الفطري السليم والادراك العقلي الصائب ، أما قواعد العدالة فهي قواعد مثالية تهدف الى اقامة العدل بين الناس ، كما ألزم القانون القاضي بالاجتهاد في اطار قيم الاسلام على اعتبار أن أحكام الأسرة ذات أثر شرعي .
المصادر التفسيرية 

القضاء : وهي السلطة القضائية التي تتولى تطبيق القاعدة القانونية وتتمثل في مختلف المحاكم ويقصد به أيضا الأحكام والقرارات الصادرة عن مختلف درجات المحاكم وهو المفهوم الذي يهمنا باعتباره مصدرا تفسيريا للقاعدة القانونية والقضاء لا ينشء القاعدة القانونية بل يطبقها ، لكن في بريطانيا مثلا تعتبر الأحكام الصادرة ملزمة لباقي المحاكم من درجتها أو أقل منها في القضايا المماثلة .

الفقه : والمقصود الإجتهاد الفقهي وهو مجموع الدراسات التحليلية بخصوص القانون الوضعي ، فالهدف من هذه الدراسات الوقوف على مكامن الضعف والفراغ بخصوص قضايا معينة وهي مصادر تفسيرية ليس لها قيمة إلزامية لكن لها أهميتها وكثيرا ما تؤخذ بعين الاعتبار من طرف المحاكم خلال فض النزاعات ، كما يعتمد المشرع عليها لتعديل قوانين معينة كما أن لجان التعديل تضم من بينها بعض الفقهاء .

تطبيق القاعدة القانونية 

تطبيق القاعدة القانونية يقتضي معرفة الأشخاص المخاطبين بأحكامها وتحديد نطاقها من حيث المكان والزمان وكذا تفسيرها حيث غالبا ما تكون في صيغة مقتضبة .

نطاق تطبيق القاعدة القانونية

 نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث الأشخاص المخاطبين بها

غالبا ما يعبر عن هذه الفكرة بمبدأ : لا يعذر أحد بجهله للقانون . 

مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون 
يقصد به أن الأفراد لا يمكنهم التهرب من أحكام القاعدة القانونية بدعوي جهلهم بها والمقصود هنا هو العلم الافتراضي وليس العلم الفعلي حيث أن من المستحيل أن يعلم جميع الناس كل القواعد القانونية ، لكن وضع هذا المبدأ من أجل سلامة وضمان احترام القانون وتطبيقه . وإلا فلن يطبق إلا فئة قليلة ممن تعلم القاعدة القانونية . فالتشريع يتم نشره بالجريدة الرسمية كما أن الاعلام يخصص جزءا للحديث عن القوانين الجديدة ، أما بالنسبة للعرف والقواعد الشرعية فأغلب الناس تعرفه .

الاستنثناء على مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون
وهي في حالة القوة القاهرة وهي الزلازل أو الفيضانات أو غارات العدو حيث لا يمكن وصول الجريدة الرسمية وهي متعلقة بالتشريعات المكتوبة أما العرف والشريعة فتبقيان سائدتين ، يضاف إلى الاستثناء جهل الأجنبي في حالة جريمة يعاقب عليها قانون بلاده ، أو في حالة استحالة العلم بالقاعدة القانونية لعدم وصول الجريدة الرسمية ، أو في حالة الغلط كالغلط الشائع الذي يولد الحقوق

نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكان
حسب مبدأ إقليمية القوانين فإن القوانين تطبق داخل الدولة المعنية على كل المتواجدين بها ، وحسب مبدأ شخصية القوانين فإن الحاملين الجنسية ما يخضعون لقوانين دولتهم أينما كانوا .

مبدأ إقليمية القوانين ومبدأ شخصية القوانين

مبدأ إقليمية القوانين ، ومعناه أن يطبق قانون الدولة على جميع المتواجدين فيها سواء مواطنين أم أجانب ، والإقليم يشمل المياه الإقليمية والمجال الجوي وبواخرها وطائراتها لكن مع تزايد العولمة وتنقل الأشخاص تم ایجاد مفهوم شخصية القوانين . ويعتبر القانون الجنائي المجال الطبيعي لإعمال مبدأ اقليمية القوانين في المغرب ، فيطبق على كافة المقيمين داخل الاقاليم المغربية وهو ما نصت عليه المادة 10 من القانون الجنائي ولا يسري القانون الجنائي المغربي على المغاربة القطنين بالخارج. .

مبدأ شخصية القوانين ، ويقصد به أن يطبق القانون على جميع من يحمل جنسية الدولة ولا يطبق على الأجانب ولو كانوا في الدولة ، وقد كان الاعتبارات الانسانية وراء هذا المبدأ خصوصا في ما يتعلق بالزواج والارث و القاعدة العامة في المغرب هي اقليمية القوانين لكن ترد استثناءات .
الاستثناءات التي تحول دون تطبيق القانون المغربي داخل المغرب 
بالنسبة للبعثات الدبلوماسية حيث يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية ، فعلى الصعيد الدولي لا يجوز التعرض للبعثات الدبلوماسية لأي اعتداء أو القبض عليهم أو محاكمتهم ، ويقصد بالحصانة في القانون الدولي سقوط ولاية القضاء المحلي ، حيث بمقتضى المادة 31 من اتفاقية فيينا : يتمتع الدبلوماسيون بحصانة جنائية ومدنية وإدارية ويكون القضاء المغربي غير مختص في رفع اي دعوى ضدهم .

نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث الزمان 
القاعدة القانونية ليست دائمة بل هي معرضة للتعديل أو الالغاء تبعا للظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للبلد وإلغاء القاعدة القانونية يقتضي إعمال أخرى محلها الشي الذي يؤدي إلى تنازع بينهما خصوصا بالنسبة للوقائع التي تقع في ظل القاعدة القانونية القديمة وتستمر نتائجها في ظل القاعدة الجديدة ، ومعرفة القاعدة القانونية التييجب أن تطبق يطلق عليه تنازع القوانين في الزمان .

. إلغاء القاعدة القانونية 
وهو تجريدها من قوة إلزاميتها بإنهاء العمل بمقتضياتها وقد يكون بتعيين أخرى أو بدون تعيين أخرى جديدة، والتشريع هو المعني بالإلغاء ويكون صريحا أو ضمنيا۔ 

الفقرة الأولى : أنواع الإلغاء
اولا : الإلغاء الصریح : وهو حين تنص قاعدة جديدة على الغاء أخرى صراحة بواسطة نص قانوني .
ثانيا : الإلغاء الضمني : ويتضح حين تتعارض أحكام القاعدة القانونية الجديدة مع سابقتها

الفقرة الثانية : السلطة التي تمارس إلغاء القوانين
هي التي وضعتها أو سلطة أعلى منها ، فإلغاء الدستور لا يكون إلا بدستور آخر ، وتشريع عادي يلغى بتشريع عادي آخر كما أن تشريعا فرعيا يلغي بتشريع فرعي آخر كما يراعي التدرج فلا يمكن لعرف أن يلغي تشريعا كما يمكن للتشريع أن يلغي قاعدة دينية وتفقد بذلك إلزاميتها ويمكن للعرف أن يلغي مبدأ من مبادئ القانون الطبيعي فنرى بوضوح أن كل تشريع يمكن أن يلغي التي يليه رتبة.


تنازع القوانين في الزمان ومبدأ عدم رجعية القوانين 
عند ولادة القاعدة القانونية يولد معها الأثر الفوري أي أنها تسري بمجرد صدورها ولا يمكن أن تطبق على الوقائع التي سبقت صدورها ، وهوما يعرف بمبدأ عدم رجعية القوانين . فالوقائع تظل محكومة بالقاعدة القديمة التي نشأت في ظله ، لكن يحدث تنازع بين قاعدتين قديمة وجديدة فيتم حل التنازع استنادا إلى مبدأين : عدم رجعية القوانين ومبدأ الأثر الفوري للقانون .
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -